لبنان ينضم الى نادي الدول العشرين الكبرى في العالم في حجم احتياطاته من الذهب

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر واتساب

حضرت في العام 2004 حفل إطلاق المكتب الإقليمي لصحيفة الأهرام المصرية في دبي بوجود أساتذة كبار في عالم الصحافة والاعلام أمثال المفكر والكاتب سمير عطالله، حيث استضافنا آنذاك الاستاذ الراحل ابراهيم نافع الذي كان حينها رئيس مجلس إدارة رئيس تحرير الصحيفة ورئيس اتحاد الصحفيين العرب.

وإن لم تخنّي ذاكرتي، تطرّق الاستاذ عطالله حينها عن الفرق بين لبنان القديم ذي الإرث الثقافي والعلمي والدبلوماسي الكبير ولبنان الحاضر الذي لا يرتقي خطاب بعض ساسته الى درجة ثقافة خطابات رجالات الاستقلال. وبعد مرور أكثر من 18 عاماً على مداخلة الاستاذ عطالله، لست أدري إذ كانت المقارنة لا تزال تصح بين خطابات ساسة لبنان الراهن ورجالات لبنان القديم.

لقد آمن رجالات لبنان أمثال بشارة الخوري ورياض الصلح وشارل مالك وفؤاد شهاب وشارل حلو والياس سركيس ببناء دولة المؤسسات وسلطة القانون، حيث كان لديهم رؤى واضحة المعالم وبعيدة الأمد لضمان مستقبل مزدهر للبنان، فيما يتخبّط الساسة الحاليون بمصالحهم الضيقة وتراشق التهم وتقاذف المسؤوليات فيما بينهم.

أردت البدء بالحديث عن رجالات لبنان الكبار لشكر رئيس الجمهورية الراحل الياس سركيس، الذي أدخل بلاد الأرز إلى نادي الدول العشرين الكبرى في العالم في حجم احتياطاتها من الذهب عبر شرائه الذهب لحساب الخزينة اللبنانية في آواخر ستينات القرن الماضي.

وهنا تجدر الاشارة الى أنه شتّان بين لبنان ستينات القرن الماضي الذي انضم الى قائمة أكبر 20 دولة في العالم في احتياطه الذهبي ولبنان الحاضر الذي احتفل بانضمامه الى نادي الدول النفطية دون انتاجه لقطرة نفط واحدة!

وفي سياق متصل، أصدر المجلس العالمي للذهب تقريره السنوي في شهر كانون الثاني 2022 لمقتنيات الدول من الذهب، حيث حلّلبنان في المرتبة الثانية عربياً في حجم احتياطيات البنك المركزي منالمعدن النفيس بحجم وصل الى 286.8 أطنان مقارنة بمجمل حجم احتياطات البنوك المركزية في العالم من الذهب، الذي يبلغ 35571.3 طناً.

وكثيرون من الاقتصاديين في آوائل السبعينات قد انتقدوا سعي الرئيس سركيس وقتهالشراء الذهب لا سيما بعد الغاء إتفاقية Bretton Woods العالمية في العام 1971 وفك ربط عملة الدولار بغطاء الذهب بقرار من الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون، غير أن شراء لبنان لهذه الكتلة الضخمة من الذهب صبّ في نهاية المطاف في صالح الخزينة اللبنانية والمالية العامة للبنان الحديث.

وحماية الذهب من التبديد طيلة فترة الحرب وفي الفترة الحالية كان نتيجة القانون التشريعي الذي صدر في العام 1986 عن مجلس النواب والذي يمنع التصرف بالذهب مطلقاً. وبالمناسبة، كما لا يجوز تسييل الذهب بنص تشريعي، يحظّر المس بالإحتياطي الأجنبي الإلزامي تحت أي ذريعة أو ظرف حيث قانون النقد والتسليف اللبنانييجرّم ذلك.

وعلى صعيد آخر، إن خلق سعر صرف “مصطنع” لليرة مقابل الدولارعبر ضخ كتل ضخمة من الدولار في السوق المحلية وتجفيف السوق من العملة الوطنية سوف يستنزف الاحتياطيات النقدية الأجنبية للبنك المركزي ويبدّد حقوق السحب الخاصة التي حصل عليها لبنان في أيلول الماضي. هذه المعالجات تبقى حلول “تخديرية” ستفاقم الأزمة لاحقاً بشكل هيستيري، لا سيما أن سد عجز موازنة العام 2022 لن يكون عبر تحويل أموال المغتربين أو الاستدانة العامة كما جرت العادة في السنوات الماضية.

وتجدر الاشارة الى أن دول منطقة اليورو في العام 2012 التي شهدت انخفاضًا حادًا في عائدات سنداتها السيادية كانت قد ناقشت جدياً استخدام احتياطياتها من الذهب كضمان للاستدانة الخارجية وفقًا لدراسة قامت بها جامعة تيلبورغ الهولندية. ووقتذاك، حثَت الدراسات الحكومات الأوروبية أن تستخدم الذهب كضمان لتقليل مخاطر الائتمان السيادي.

والسؤال المطروح اليوم، ألا يستطيع لبنان استخدام الذهب كمحفظة ضمان مقابل استقطاب استثمارات لتشغيل قطاعات البلد الاقتصادية الحيوية ولجم سعر الصرف من خلال ايرادات فعلية تدرّها هذه القطاعات على الخزينة العامة.

شو رأيك؟ بدك ويب سايت بس بـ5$ بالشهر