تحذير من انفلات الدولار بالأيام المقبلة!

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر واتساب

“القرارات الحكومية تمهّد لانفلات سعر الدولار بالأيام المقبلة, والزيادات التي أُقرت لم تف بمطالب الموظفين، لكنها ستُحدث مزيداً من التضخم.”

عزة الحاج حسن – المدن

أيام قليلة وينتهي شهر الأعياد، طاوياً معه أحداثاً بارزة لها تأثيرها المباشر على العملة الوطنية ومعيشة اللبنانيين، لا سيما منها زيادة رواتب موظفي القطاع العام ومعاشات المتقاعدين ورفع دولار الرسوم الجمركية والضريبية. وإن كانت تداعيات القرارات تلك لا تزال غير ملحوظة اليوم، إلا أنها لا شك ستتجلى في الأيام والاسابيع المقبلة. فالحكومة ومعها وزارة المال لم تعلنا صراحة التكلفة الشهرية للزيادة على الرواتب، ولا حتى كيفية تمويلها. وإن كانت زيادة الرواتب مُستحقة، إلا أنها ستكرّس انهيار العملة، ما لم يكن تمويلها مؤمّناً بعيداً عن سياسة طبع العملة من قبل مصرف لبنان.

تكلفة الزيادة وآلية تمويلها

على الرغم من عدم شفافية الحكومة بالإعلان عن تكلفة الزيادة على الرواتب وآلية تمويلها، إلا أن خبراء يتوقعون مراوحتها بين 4000 إلى 4500 مليار ليرة شهرياً. ويبقى السؤال الأهم، هو كيف سيتم سداد الزيادات على الرواتب وبأي عملة، بالليرة أم الدولار؟

هنا تقف الحكومة امام خيارين لا يقلان سوءاً عن بعضهما. سداد الزيادات على الرواتب بالليرة، سيُدخل العملة المحلية في نفق مظلم. فالكتلة النقدية ستتضخم باعتبار أن التغطية بالليرة سيستلزم طباعة المزيد من الليرات، وتالياً، سيتحمل عموم اللبنانيين لاسيما منهم الموظفين محدودي المداخيل وزر التضخم وتراجع القدرة الشرائية لليرة.

أما الحديث عن تمويل الزيادات من مداخيل الدولة والإيرادات الضريبية والرسوم، فهو كلام غير دقيق. خصوصاً أن موظفي القطاع العام مستمرون بإضرابهم والإدارات والمؤسسات العامة مستمرة بالإغلاق إلى أجل غير مسمى. وعليه، لا يمكن التعويل على مداخيل وإيرادات للدولة لتغطية زيادة النفقات.

سيناريو آخر يمكن أن تلجأ إليه الحكومة، وهو السيناريو المرجّح، ويتمثل بسداد كامل الرواتب مع الزيادات بالدولار الأميركي على أساس سعر منصة صيرفة. وهذا السيناريو يأخذنا إلى التساؤل عن مدى قدرة مصرف لبنان على تغطية تلك المبالغ الدولارية، وعن حجم احتياطات الدولار المتوفرة لديه بالعملة الأجنبية. وبالنظر إلى شح الدولارات لدى مصرف لبنان، فإنه غالباً سيتّجه كما جرت العادة منذ أشهر إلى السوق لشراء الدولارات من الصرافين والمتعاونين معه. وهذا المشهد بات محفوظاً في ذاكرة اللبنانيين ومتكرّراً بشكل مستمر. فكل شهرين إلى 3 اشهر تقريباً يرتفع مستوى الطلب على الدولار من قبل مصرف لبنان والصرافين، وتتراجع في مقابله الليرة إلى مستويات كارثية جديدة.

هل يدوم استقرار سعر الدولار

يتضح مما سبق، أنه مهما كان السيناريو المعتمد في سداد الزيادات على الرواتب، فإنها ستُحدث ضغوطاً جديدة على الليرة، إلا إذا ارتفعت إيرادات الدولة بشكل ملحوظ، واستأنف موظفو القطاع العام عملهم. وهذا أمر مستبعد جداً. فقد قررت رابطة موظفي الإدارة العامة الاستمرار بالإضراب رفضاً للصيغة التي أقرتها الحكومة للزيادات. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الحكومة لم تتواصل مع ممثلي القطاع العام قبل اتخاذ قرارها المرفوض من قبلهم. بمعنى أنها خاطرت بإقرار زيادة على الرواتب لا تضمن عودة الموظفين إلى أعمالهم.

باختصار، إن أي قرار اتخذته الحكومة وستتخذه لاحقاً لا يضمن عودة الإنتاجية للقطاع العام، ولا يضمن عودة موظفيه إلى العمل، فهو قرار سيدفع لا محالة إلى مزيد من انهيار الليرة. والزيادات التي أُقرت لم تف بمطالب الموظفين، لكنها ستُحدث مزيداً من التضخم.

الدولار والقرار السياسي

منذ قرابة الشهر، استمر سعر صرف الدولار عند مستويات متقاربة دون سقف 100 ألف ليرة، محافظاً على استقراره طيلة فترة الأعياد. ومرد ذلك إلى عدة عوامل، أهمها ضخ مصرف لبنان مبالغ مالية يومية في السوق، تتراوح بين 80 و99 مليون دولار. وقد ترافق ذلك مع توافد المغتربين اللبنانيين لتمضية إجازات الأعياد في لبنان. وهو ما رفع مستوى ضخ الدولار في السوق.

ورغم أن حجم الدولارات التي ضخها مصرف لبنان بالسوق كبيراً قارب 1.5 مليار دولار، إلا أنه لا يمكن تجاهل خفوت التطبيقات الإلكترونية التي تتداول بالدولار، والمضاربين وصرافي الشوارع. وهذا ما يأخذنا إلى ربط استقرار العملة بالشكل الذي حصل منذ شهر وتعطّل المضاربات كلّياً، بقرار سياسي. فالمشهد العام يشير إلى أن استقرار العملة -وإن كان مدعوماً بإجراءات معينة سبق توضيحها- لكنه استمر بفعل قرار سياسي يستهدف تمرير مرحلة الأعياد من دون خضات امنية واجتماعية، لاسيما في ظل القرارات الحكومية الموجعة التي اتُخذت مؤخراً.

منذ 21 آذار الفائت موعد عودة المصارف عن إضرابها واستئناف بيع دولارات صيرفة، باع مصرف لبنان قرابة المليار و500 مليون دولار. وفي حال استمر بضخ الدولارات بالشكل الحالي، فإنه سيتمكن من إحكام السيطرة على سعر الصرف نسبياً. أما في حال سحب مصرف لبنان يده من عملية ضخ الدولارات في السوق، وفق ما هو متوقع، وإقدامه مجدداً على شراء الدولار، فذلك سيدفع بسعر الدولار إلى سلوك مسار تصاعدي سريع في مقابل الليرة.

-إعلان-
Ad imageAd image

قناتنا على واتساب

انضم إلى قناتنا الإخبارية عبر واتساب للحصول على آخر الأخبار

تابعنا

على وسائل التواصل الاجتماعي

تابعنا على تلغرام

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر تلغرام للحصول على آخر الأخبار