تقارير وأرقام صادمة… التحرش الجنسي في هذا البلد “أقرب إلى وباء”!

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر واتساب

  • رستم محمود – النهار

 أعاد “المرصد العراقي لحقوق الإنسان”، في تقريره الأخير حول “تفشي التحرش الجنسي” في مختلف أماكن الحياة العامة في العراق، النقاش موسعاً بشأن هذه الظاهرة، بعدما ظلت لسنوات قيد الكتمان، بسبب تراكم المعضلات السياسية والأمنية والاقتصادية التي احتلت الأولوية في المتن العام، وتسببت بضمور النقاش في شأن مثل هذه القضايا، التي نمت واستفادت من الظروف الاستثنائية طوال السنوات العشر الماضية. 

بديعة عيسوي، التي عاشت طالبة وثم موظفة حكومية وصاحبة عمل خاص خلال السنوات العشر الماضية، في أكثر من مدينة ومنطقة عراقية، أكدت لـ”النهار العربي” صحة ما جاء في تقرير المرصد، بالذات لجهة شمولية هذه الظاهرة لتكون حاضرة في مختلف المؤسسات والأماكن العامة، وتقريباً من دون استثناء، من الجامعات والمستشفيات والأسواق، وصولاً الى الحدائق العامة ووسائل النقل والتواصل الاجتماعي، وحتى دور العبادة. 

“وباء عام”

تشرح عيسوي تجربتها الخاصة بقولها: “هو أقرب الى الوباء العام منه الى أي تسميه أخرى. كنتُ طالبة جامعية في مدينة الموصل، لم أسلم، وزميلاتي الأخريات، من مختلف أشكال التحرش، بما في ذلك محاولات المضايقة الجسدية. وهو تحرش كانت تمارسه مختلف الجهات، من الحرس وزملاء في الجامعة، وصولاً الى الكادر التدريسي وحتى أفراد من التنظيمات السياسية المسيطرة على الجامعة. انتقل الأمر ليكون نفسه خلال سنوات عملي موظفة في وزارة التجارة في بغداد، بعدما انتقلنا إليها من الموصل بسبب الأوضاع الأمنية، خصوصاً أن العلاقات بين الموظفين كانت تخضع لمزيد من السلطوية والقدرة على الاستغلال ضمن تراتبية السلم الوظيفي. المناخ نفسه حاضر ضمن عملي الراهن كصاحبة شركة خاصة، خصوصاً من أصحاب الأعمال النظراء، أو شاغلي المراكز الوظيفية الحكومية”. 

الكثير من الشابات/النساء اللواتي التقاهن “النهار العربي” أكدن ما ذهبت إليه عيسوي، مُجمعات على أن المسألة كامنة في “العادية” التي يتعامل بها المتن العام مع هذه الظاهرة. 

بحسبهن، ورغم الآثار النفسية والوجدانية والاجتماعية القاسية للغاية، التي تتركها مثل هذه الظاهرة على كل أشكال الحياة في البلاد، إلا أن المؤسسات الثقافية والخطاب الإعلامي والقوى السياسية العراقية تتصرف وكأنه ليس من أي شيء، بل مجرد سلوكيات فردية تماثل ما يشابهها في مختلف دول العالم، وهو أمر غير صحيح بأي شكل. 

فحتى الآن، ليس هناك أي مسرحية أو برنامج تلفزيوني، أو حتى حلقة تلفزيونية أو موقف سياسي يصنع مواقف أو حتى نقاشاً بشأن الظاهرة. حتى نسبة الناشطات والفاعلين المدنيين الذين يعتبرون هذه المسألة قضيتهم أقل بما لا يُقارن بباقي القضايا في البلاد. 

جوهر المشكلة

المحامي والناشط الحقوقي سامان جزري شرح في حديث مع “النهار العربي” كيف أن المسألة لا تتعلق بنوعية القانون والعقوبات الرادعة لمواجهة مثل هذه الظاهرة، بل بطبيعة التحولات التي طرأت على المؤسسات المنفذة للقانون، ووعيها الثقافي والمجتمعي والروحي. 

يقول جزري: “ينص القانون العراقي على واحدة من أشد العقوبات على مثل هذه الفعلة، تراوح بين 7 سنوات الى 10 من السجن المشدد، وفقاً لعمر الضحية، كما تنص المادة 396 من قانون العقوبات العراقي. لكن السؤال الأكثر صعوبة يتعلق بأسباب عدم تنفيذ ذلك مقابل الكمّ الهائل من الحالات التي تحدث سنوياً في البلاد!”. 

ويضيف: “البنية النفسية والاجتماعية للجهاز الأمني والقضائي مترهلة وتخشى من المجتمع، أكثر مما ترى نفسها ذات دور تاريخي لتطوير القطاعات الاجتماعية، عبر إحداث سلوكيات أكثر مدنية وأقل ذكورية ضمن المجتمع. ففي فضاء مثل هذا، حيث تختفي الفروق بين رجال الأمن والشرطة والقضاء من طرف، وبين الشخصيات العشائرية من طرف آخر، يتسبب هذا الأمر بفقدان القانون لمعناه ودوره، ويبدو مجرد أداة لتغسل الدولة والحكومة ماء وجهيهما”.

وسائل التواصل الاجتماعي تفاعلت بكثافة مع الحديث بشأن هذه الظاهرة، ووضعت سيلاً من الأسباب التفصيلية لحدوثها واستمرارها، كما كتب يوسف باجوان على حسابه في “تويتر”: “من أسباب التحرش الجنسي والأعمال الأخرى، بالذات بين طلاب الثانوي والجامعات، فصل الجنسين؛ لأنه عندما تفصل الجنسين في مدارس منفصلة سيشعر الطلبة بالنقص وآخرون بالشهوات وغيرها، وعكسها صحيح، اذا اجتمعوا من الابتدائية سيتعودون على علاقات إنسانية عادية”. 

قبل فترة وجيزة من تقرير “المرصد العراقي لحقوق الإنسان”، كانت منظمة “بوينت” المختصة باستطلاعات الرأي العام اجرت استطلاعاً شاركت فيه 500 امرأة عراقية، من مختلف المدن والمناطق، أظهرت نتائجه أن 73 في المئة منهن تعرضن للتحرش الجنسي في نطاق عملهن، ولم تبلغ أي واحدة منهن عما تعرضت له. لكن الأكثر إثارة كان إشارة الاستطلاع إلى أن 58 في المئة من الضحايا لا يقمن بأي ردود فعل مباشرة على ما يجري ضدهن، في وقت تعتقد 85 في المئة منهن أن المشكلة في القانون العام في البلاد. كذلك كانت ذات دلالة إشارة 69 في المئة من المستطلعات إلى أن التحرش ضدهن توقف مع ارتفاعهن في السلم الوظيفي. 

شو رأيك؟ بدك ويب سايت بس بـ5$ بالشهر

قناتنا على واتساب

انضم إلى قناتنا الإخبارية عبر واتساب للحصول على آخر الأخبار

تابعنا

على وسائل التواصل الاجتماعي

تابعنا على تلغرام

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر تلغرام للحصول على آخر الأخبار