هل ينفجر “السّجن الكبير” في 15 أيّار؟

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر واتساب

يعيش اللبنانيّون في سجنٍ كبير يتوسّع يوماً بعد يوم، مع استمرار القيّمين عليه بزيادة قضبانه وأسواره منعاً لأيّ مُحاولة فرار. والسّجن ليس فقط المكان الذي يوضَع فيه مَن يُراد سلب حرّيته، وراء قضبانٍ حديديّة مع حراسةٍ مُشدّدة. هنا، السّجن اختياريٌّ والأسوار هشّة إلا أنّ ما يحصل داخل هذه “الجدران” مقيتٌ وقاتلٌ. فاللبنانيّ تُرتكب بحقّه جرائم مؤلمة ورغم ذلك يكون سجيناً من دون أيّ قدرة حتّى على التمرّد. لماذا؟

يرى علم النّفس الإجتماعي أنّ السّجن الفردي أصعب بكثير من السّجن الفعلي الذي يأخذ الجسد أسيراً، وأنّ زنازين الأفكار تقطع الأوكسيجين عن النّفس ولا تحرم الشّخص من الهواء الطّلق فحسب بل من الحرية رغم تمتّعه بها. وهذا الواقع يجرّ إلى المشاكل النفسيّة وعدم رؤية الواقع كما هو عليه وإلى الإنتحار أحياناً.

وبالرّغم من التّعويل على انفجار “السّجن الكبير” في الإستحقاق النيابي الحالي، إلا أنّ الخوف قد يحول دون تحرّر البعض من أفكارهم المُظلمة و”التّهديدات” التي زرعها الحكّام في نفوسهم. هذه “الحرب” الداخليّة مُتعمّدة وموجَّهة من “نرجسيّي” الحكم الذين يُحكِمون قبضتهم على السّلطة ويحرصون يوميًّا على عدم هروب سجنائهم.

هؤلاء لا يُمكن أن ينسوا كيف تمّ إذلالهم على أبواب المُستشفيات وأمام محطّات المحروقات وكيف سيطروا على لقمة عيشهم وقتلوا أحبّاءهم وهجّروا وشتّتوا عائلاتهم. لن ينسوا، ولكنّهم لن يعترفوا، بعضهم عن قصد وبعضهم الآخر ربّما لا يُدرك حجم الجرائم التي تُرتكب بحقّه. جرائم التّلاعب بالعقول وكأنّها مُلكٌ لهم، وكلّ ذلك للبقاء في السّلطة التي أصبحت سجناً أيضاً.

هذه السّجون وإن اختلفت بتفاصيلها ورهائنها، إلا أنّها تبقى سجناً يجب التخلّص منه لتحقيق دولة المواطنة الحقيقيّة، وهذا طبعاً لن يحصل بين ليلة وضحاها.

واللافت أنّ الحرب النفسيّة هي “حرب العصر” ومن أخطر الأسلحة التي يستخدمها الحكّام ضدّ الشّعوب، حيث يعملون على إضعاف معنوياتها وتحطيم إرادتها وإلهائها بأبسط المشاكل وتحويل الحقوق الطبيعيّة إلى مطالب يجهد المواطن لتحقيقها رغم أنّها في الأصل حقٌّ مشروعٌ له! فهل يُمكن تجاهل تجويع النّاس من أجل إطعامهم؟ وحرمانهم من أموالهم لإعطائهم مساعدات؟ هكذا يربطون المواطن بهم ليعتقد أنّهم “حبل نجاة”.. إلا أنّهم في الحقيقة “حبل مشنقة”!

ولا تكمن المُشكلة فقط في التعصّب للقناعات والأفكار التي ترعرعت داخل النّفوس، إنّما أيضاً في القوّة المزيّفة والحياة الكاذبة التي يغرسها الحكّام في عقول هؤلاء، كأنّهم وضعوا سياجاً يقول إنّ العالم خارجه ليس موجوداً.

في “الحرب” النفسيّة، يتمّ وضع كلّ الوسائل المُمكنة لمنع المواطن من الخروج من المكان المحبوس فيه، وهذه الحقيقة تُدمّر اليوم شعباً بأكمله وبكلّ فئاته. فهل يعي الشّعب أخيراً هذه الجريمة ويُفجّر “السّجن الكبير” ويُصبح حرًّا؟

شو رأيك؟ بدك ويب سايت بس بـ5$ بالشهر

قناتنا على واتساب

انضم إلى قناتنا الإخبارية عبر واتساب للحصول على آخر الأخبار

تابعنا

على وسائل التواصل الاجتماعي

تابعنا على تلغرام

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر تلغرام للحصول على آخر الأخبار