“الحريريّون” في غياب الحريري: مرشحون بدون اليافطة؟

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر واتساب

لن تتأخّر القوى السياسية في تجاوز مرحلة قرار الرئيس سعد الحريري مغادرة الحلبة السياسية إلى مرحلة معالجة تداعياته والتأقلم معها.

“تعليق” رئيس تيار المستقبل حضوره في “مشهد الخراب” اللبناني قد يطول كثيراً. والأرجح أنّ أقرب موعد لاحتمال العودة عن قرار “تعليق” المشاركة في السلطة والنيابة سيكون أقلّه في عام 2026 تاريخ الانتخابات النيابية المقبلة، هذا إذا افترضنا أنّ انتخابات أيّار 2022 ستحصل في موعدها. وإذا افترضنا أنّ “الشيخ سعد” سيعود عن قراره أصلاً.

لا تملك أيّ من هذه القوى ترف التحسّر أو حتى الاحتفال بتنحية سعد الحريري نفسه عن الحياة السياسية. فالمدّة الفاصلة عن موعد الانتخابات قصيرة، وتفرض استيعاب الضربة فوراً. واجتياح الجليد السياسي بيت الوسط لن تُتَرجم تداعياته في المدى القريب، وستكون نتاج خلطة بين تطوّرات الإقليم وتموضعات الداخل بالتزامن مع طيّ صفحة ثانية بعد صفحة سعد الحريري: خروج ميشال عون من قصر بعبدا.

بين سعد والحكومة

على هامش هذا المشهد أكد لـ”أساس” مصدر موثوق أنّ السبب المكتوم والأهمّ الذي دفع الثنائي الشيعي إلى العودة عن قرار مقاطعة جلسات مجلس الوزراء وفتح الباب أمام ضخّ النشاط مجدّداً في السراي الحكومي كان عِلم الرئيس نبيه بري وحزب الله مسبقاً بتوجّه الحريري الوشيك إلى إعلان قراره بالعزوف، مع تيّاره، عن الترشّح في الانتخابات النيابية، والخروج راهناً من المشهد السياسي.

لم يشأ الثنائي الشيعي، لزوم استيعاب ارتدادات الصدمة، أن يقترن مشهد “الفراق” في بيت الوسط مع واقع الجمود والكربجة على مستوى الحكومة… بقرار شيعي.

فعليّاً سيكون أوّل اختبار لقرار زعيم تيار المستقبل في خلال الانتخابات النيابية. لن يكون المشهد مألوفاً كما كان عليه منذ دخول رفيق الحريري إلى معترك اللعبة السياسية اللبنانية في بداية التسعينيّات. فبعدما كان “البولدوزر” الحريري، من الأب إلى الابن، يقرّر مصير الترشيحات، بات أهل “المستقبل” يفتّشون عن مقعد.

“قدامى” المستقبل

كيف سيترشّح “قدامى” تيار المستقبل بالمفرّق في المناطق؟

كيف سيكون إطار تحالفاتهم من دون عباءة المستقبل؟ وهل يلتزمون بأجندة الحلفاء أو الخصوم “الطبيعيين” لسعد الحريري؟ ومَن منهم ستأخذه العاطفة فيتضامن مع “الشيخ سعد” أو يستثمر في حيثيّته الشعبية والخدماتية للاستمرار تحت شعار “الصمود حتى يرجع سعد”؟ ومَن سيستفيد انتخابياً من هذا الفراغ الحزبي الكبير؟ هل ينخرط نواب المستقبل “سابقاً” في كتل “مناطقية” بعد الانتخابات أم يجتمعون ضمن كتلة واحدة؟ كيف سيشاركون في الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس الحكومة المقبل؟ وفي الاستشارات غير الملزمة لتأليف الحكومة؟ وهل يكون لهم رأي واحد في رئيس الجمهورية المقبل؟…

على صفحته على “تويتر” أعلن المدير العامّ لـ”الدولية للمعلومات” جواد عدرا ببيان صدر عن شركته الدولية للمعلومات في تشرين الأول 2021، جاء فيه أنّ استطلاعات الرأي، بغياب قرار واضح من تيار المستقبل (حول مشاركته في الانتخابات)، هي غير علمية. وأضاف عدرا: “الأمانة العلمية اليوم تقتضي الانتظار بعض الشيء، حتّى بعد صدور قرار تيار المستقبل بالعزوف”.

كلام تقني وسياسي سليم في ظلّ عدم وضوح الترشيحات والتحالفات حتى الآن، وعدم معرفة من سيترشّح تحديداً من “جنود” المستقبل سابقاً.

مثلاً، تقدِّم صيدا وعكار وبيروت نماذج “مستقبلية” متناقضة جدّاً ستعجز الأرقام عن حلّ أحجيتها قبل اتضاح هوية التحالفات وأسماء المرشّحين وكيفية توزيعهم على اللوائح.

مصير مقعد بهيّة

في صيدا، وبقرار صريح وواضح من الحريري مرتبط بتوجّه العائلة، لن تترشّح “العمّة بهيّة”. فيما ترشيح الرئيس فؤاد السنيورة غير مضمون.

ستغيب النائبة بهية الحريري للمرّة الأولى عن المشهد الصيداوي منذ 1992، بعدما شكّلت صيدا عام 2018 بقعة للافتراق مع التيار الوطني الحر الذي تحالف مع الجماعة الإسلامية وعبد الرحمن البزري، في حين كان الحريري ينادي “المستقبليين” للتصويت لـ”صديقي جبران” في دائرة الشمال الثالثة!

لم تتحالف بهيّة الحريري يومذاك مع الأحزاب، واختارت تشكيلة مستقلّة ضَمنت من خلالها أحد مقعديْ صيدا السنّيّيْن. وقد رشّحت حسن شمس الدين، أحد المستشارين القانونيين، عن المقعد السنّيّ الثاني إلى جانبها. وواجهت لائحة التحالف بين إبراهيم عازار وأسامة سعد الذي فاز بالمقعد الثاني.

مقعد “العمّة بهيّة”، المرجعية السياسية والخدماتية في المدينة، مصيره مجهول، في ظلّ معطيات شكّلت صدمة لتيار المستقبل في الانتخابات الماضية.

فنائبة صيدا حصلت على 13,739 صوتاً تفضيليّاً بفارق لامس 12 ألف صوت عن انتخابات 2009 (نالت 25,460 صوتاً).

مَن هو “وريث” تركة آل الحريري في صيدا؟

لا جواب حتى الآن.

معركة عكّار

أمّا في عكّار، أحد معاقل المستقبل، فلن يغيب حضور رموز التيار الأزرق عن المشهد الانتخابي، لكن للمرّة الأولى من خارج عباءته الحزبية.

بالتأكيد لن تكون المعركة سهلة، وبوادرها بدأت عام 2018 في ظلّ استنفار كبير لزعيم التيار الأزرق لم يُترجَم في صناديق الاقتراع.

فالقانون النسبي تحوّل إلى نكسة في عكار بعد خسارة المستقبل ثلاثة مقاعد من أصل سبعة. فقد اخترق التيار الوطني الحر الحصن المستقبلي بنائبين (أرثوذكسي وعلوي)، واخترقته القوات بنائب واحد (أرثوذكسي). لكنّ “المستقبل” فاز بالمقاعد السنّيّة الثلاثة (وليد البعريني، طارق المرعبي، محمد سليمان) والمقعد الماروني (هادي حبيش).

اليوم يرى كثيرون أنّ الحضور الشعبي لبعض هؤلاء النواب، إن قرّروا الترشّح، سيُبقي حضور المستقبل فاعلاً في دائرة الشمال الأولى، وإن تحت ستار الترشيح الشخصي.

دائرة الحريري من دون الحريري

نصل إلى بيروت الثانية، الدائرة الانتخابية الأساسية لآل الحريري، حيث ستكون المعركة الأكثر أهميّة، والأكثر حساسيّة لكلّ القوى والشخصيّات السنّيّة التي ستخوضها، والمعركة الأهمّ من الناحية الرمزية والمعنوية لتيار المستقبل، “المنحلّ” انتخابياً.

شهدت دائرة الـ11 مقعداً عام 2018 إعلان تسع لوائح، وعكست تغيّراً كبيراً في المزاج البيروتي، تحديداً اتّجاه تيار المستقبل. المفارقة أنّ أكثريّة المرشّحين كانوا عن المقاعد السنّيّة الستّة (48 مرشحاً)، عاكسين حجم الاعتراض على سياسات بيت الوسط، خصوصاً بعد عامين من دخول مدار التسوية الرئاسية التي أتت بحليف حزب الله ميشال عون رئيساً للجمهورية.

بيروت الثانية هي معقل رفيق الحريري وتيار المستقبل الذي احتكر تمثيلها طويلاً، لكنّ أحداث السابع من أيار، ثمّ خروج سعد الحريري من رئاسة الحكومة عام 2011، ثمّ عودته على حصان تنازلات قاسية أشار إليها في “خطاب الانسحاب”، دشّنت لدى سُنّة الحريرية السياسية شعوراً بـ”المظلوميّة” من دون أن تتمكّن قيادة التيار الأزرق من الإجابة عن العديد من “التكويعات” التي قام بها “الشيخ سعد”.

اليوم “تنغل” بيروت الثانية بالشخصيّات السنّيّة التي لها حضورها في العاصمة. وبسبب الصوت التفضيلي، إحدى أكبر خطايا قانون الانتخاب، يصعّب التنبّؤ بالمشهد البيروتي الانتخابي. فلا الترشيحات واضحة ولا التحالفات، والتلويح بترشيح بهاء الحريري هو أقرب إلى الدعاية والزكزكة التي لا تستأهل النقاش الجدّيّ.

بعد حسم الحريري وتمّام سلام مسألة عدم ترشّحهما، لم يُعرَف بعد توجّه وزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق. ولم تعلن النائبة رولا الطبش قرارها في ما يتعلّق بالالتزام بقرار الحريري والعزوف عن الترشّح. أمّا ترشُّح فؤتد المخزومي فمحسوم.

يُذكر أنّ ثلاث لوائح من أصل تسع لوائح حازت الحواصل الانتخابية. فحصدت لائحة تيار المستقبل خمسة مقاعد، ولائحة حزب الله وحلفائه أربعة مقاعد، ولائحة فؤاد المخزومي مقعداً واحداً. والمفارقة أنّ أمين شرّي، مرشّح حزب الله، حصل على أعلى عدد من الأصوات التفضيلية (22,961)، فيما حلّ سعد الحريري في المرتبة الثانية بـ20,751 صوتاً تفضيلياً.

-إعلان-
Ad imageAd image

قناتنا على واتساب

انضم إلى قناتنا الإخبارية عبر واتساب للحصول على آخر الأخبار

تابعنا

على وسائل التواصل الاجتماعي

تابعنا على تلغرام

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر تلغرام للحصول على آخر الأخبار