في سياق يطغى عليه الجمود والانقسام السياسي، تتحرك السعودية بهدوء ومن دون استعراض إعلامي لإعادة اللحمة داخل البيت السنّي في لبنان، في خطوة تعكس حرصها الدائم على استقرار هذا البلد العربي الذي لطالما حظي بمكانة مميزة في سياستها الإقليمية.
فبحسب ما نقلت صحيفة “عكاظ” السعودية، فإن الرياض، التي كانت دومًا من أبرز الداعمين للبنان على المستويين السياسي والاقتصادي، تستند في تحركها الراهن إلى روابط تاريخية وثقافية عميقة، خصوصًا مع الطائفة السنّية التي تربطها بالمملكة علاقة تقوم على الاعتدال والانفتاح والتوازن.
وأوضحت الصحيفة أن الجهود السعودية تتخذ طابعًا هادئًا وعمليًا، هدفها توحيد الصف السنّي في مواجهة الانقسامات التي أضعفت حضوره داخل المعادلة اللبنانية، مشيرةً إلى أن المملكة تعمل على تشجيع التواصل والتنسيق بين القيادات السياسية والدينية، بما يضمن استعادة التوازن في المشهد الوطني العام.
كما أشارت “عكاظ” إلى أن الرياض تركز على فتح قنوات حوار جديدة بين الشخصيات السنّية في لبنان، وتسعى لتقريب وجهات النظر بعيدًا عن الاصطفافات التقليدية، وذلك ضمن رؤية سعودية أوسع تهدف إلى دعم الاستقرار الداخلي وتحقيق شراكة وطنية متوازنة.
وترى الصحيفة أن المملكة تتحرك وفق استراتيجية متكاملة تقوم على تحفيز القوى السنّية نحو بناء تحالفات وطنية مستقرة، تستند إلى اتفاق الطائف وإلى مبدأ حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، مع رفض أي تدخل خارجي يهدد السيادة أو يعبث بالاستقرار.
وتولي الرياض أهمية خاصة لـ دار الفتوى في بيروت باعتبارها المرجعية الجامعة للمسلمين السنّة، وتشجع على الالتفاف حولها وتحييدها عن التجاذبات السياسية الضيقة، إدراكًا منها أن وحدة الصف السنّي تشكّل ركيزة أساسية لاستقرار لبنان.
وفي ختام تقريرها، لفتت الصحيفة إلى أن التحرك السعودي الحالي يعكس نهجًا جديدًا أكثر هدوءًا وواقعية، قوامه إعادة بناء الثقة من الداخل لا عبر المواجهة، معتبرة أن الفرصة متاحة أمام اللبنانيين لالتقاط اليد الممدودة من الرياض قبل فوات الأوان، فالمملكة – كما تؤكد – لا تبحث عن نفوذ، بل عن استقرار بلد شقيق تربطها به أواصر التاريخ والمصير.

