أثار تقرير نشرته شبكة “سي إن إن” الأميركية جدلاً واسعاً، بعدما كشف عن معلومات استخباراتية تشير إلى تحضيرات إسرائيلية محتملة لتوجيه ضربة عسكرية ضد منشآت نووية إيرانية. الخبر، الذي نُقل عن مسؤولين أميركيين مطلعين، أعاد إلى الواجهة السؤال الحساس: هل تتجه إسرائيل فعلاً نحو تنفيذ ضربة منفردة ضد إيران؟
التسريبات، التي لم يُعرف مدى دقتها، دفعت جهات عديدة في واشنطن إلى التحذير من أن التصعيد الإسرائيلي قد لا يبقى في إطار التهديدات، بل قد يتحول إلى تحرك ميداني خطير يُفشل الجهود الدبلوماسية ويزج بالمنطقة في أتون حرب مدمّرة. وبينما أكد المسؤولون أن لا قرار نهائياً اتخذ بعد في تل أبيب، إلا أنهم أشاروا إلى مؤشرات مقلقة، بينها تحركات لذخائر جوية، واختتام تدريبات عسكرية، واتصالات داخلية في إسرائيل تدلّ على استعدادات متقدمة.
مصادر أميركية لم تُخفِ انزعاجها من سياسات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي ترى فيها تجاوزاً لحسابات واشنطن ومصالحها. وتعتبر تلك الدوائر أن تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين ضد إدارة ترمب تعكس نوعاً من “التبجح والتطاول”، ومحاولة للضغط على الإدارة الأميركية لجرّها إلى مواجهة مفتوحة مع طهران، لا تتوافق مع أجندة البيت الأبيض.
في المقابل، لا يمكن إنكار أن هناك تياراً واسعاً داخل إسرائيل يدفع بقوة نحو توجيه ضربة، ولو محدودة، للمنشآت النووية الإيرانية، ويعتبر أن الظرف الإقليمي والدولي الحالي يُشكل فرصة نادرة لا يجب تفويتها. ويستند هذا التيار إلى قراءة تفيد بأن إيران تمرّ في أضعف مراحلها، نتيجة الضربات المتكررة لأذرعها في لبنان وفلسطين وسوريا، وبدعم غير مسبوق من الرئيس ترمب.
ورغم أن الرغبة موجودة، فإن قدرة إسرائيل على تنفيذ ضربة شاملة بمفردها تبقى محدودة. فنجاح هجوم كهذا يتطلب ضوءاً أخضر أميركياً، ودعماً لوجستياً مباشراً، في ظل عجز إسرائيل عن تدمير كامل البنية التحتية النووية الإيرانية بمفردها.
وترى إدارة ترمب أن أي ضربة إسرائيلية منفردة قد تُفسر كاستفزاز متعمد يعرقل مفاوضاتها مع طهران، ويخلط أوراقها في ملفات أخرى، أبرزها غزة والخليج. فالحسابات الأميركية تسير نحو احتواء التصعيد، لا تأجيجه.
في هذا الوقت، تتابع إيران التطورات عن كثب، مدركةً أن أي خطأ في الحسابات قد يُستغل لفرض واقع جديد. فهل تنجح طهران في تفادي الانجرار نحو المواجهة، أم أن إسرائيل ستفرض منطق القوة وتخاطر بإشعال حرب قد تتجاوز حدود المنطقة؟