في تطور لافت على صعيد معالجة أزمة الودائع في لبنان، تبرز توجهات جدّية لاستعادة مليارات الدولارات التي فُقدت في خضم الانهيار المالي منذ العام 2019، في خطوة قد تشكل بداية فعلية لإعادة جزء من أموال المودعين.
حاكم مصرف لبنان، كريم سعيد، أكد هذه التوجهات التي تشمل استرجاع أرباح غير مشروعة نتجت عن سياسات الدعم واستثمارات منصة “صيرفة”، بالإضافة إلى تسديد القروض الكبرى بالـ”لولار” ما أتاح تحقيق أرباح استثنائية لكبار المتمولين على حساب المودعين.
أموال الدعم وصيرفة وتسديد القروض… الهدف الأول
الباحث الاقتصادي والكاتب أنطوان فرح أوضح في حديث لـ”ليبانون ديبايت” أن التوجه الرسمي يتمحور حول استرداد ما يمكن استعادته من الأموال التي هُدرت نتيجة سياسات مالية غير متوازنة بعد الأزمة. وأشار إلى تقديرات صادرة عن صندوق النقد الدولي عام 2022 تُرجّح أن قيمة الأرباح غير المشروعة الناتجة عن تسديد القروض باللولار بلغت نحو 15 مليار دولار، وهو رقم يرتفع إلى 20 مليار دولار عند احتساب أرباح المنصة والدعم.
أزمة نظامية تتطلب تشريعات استثنائية
فرح شدد على أن ما يعيشه لبنان هو “أزمة نظامية”، أي أن الدولة ملزمة بوضع خطة تعافٍ شاملة والتشريع بشكل استثنائي. وهو ما فسّره بالإجراءات التي اتخذها مجلس النواب، مثل رفع السرية المصرفية بمفعول رجعي، رغم عدم جواز ذلك عادةً في التشريع الكلاسيكي.
وأشار إلى أن مصرف لبنان يستند إلى هذه القاعدة للدفع باتجاه تشريعات تتيح فرض ضرائب استثنائية على أرباح غير مشروعة، من دون المساس بالقروض الصغيرة أو القروض الشخصية، التي ستبقى مستثناة من هذا التوجه.
ضرائب على الأرباح الطائلة… مقترحات قيد البحث
من أبرز المقترحات المطروحة، بحسب فرح، اقتراح النائب فريد البستاني القاضي بفرض ضريبة استثنائية بنسبة 50% على الأرباح الاستثنائية التي حققها كبار المقترضين. وأضاف أن الحاكم لم يحدد نسبة معينة، لكنه شدد على ضرورة استرداد هذه الأموال وإعادتها للمودعين.
استعادة الثقة تبدأ من استرداد الحقوق
وفي ختام حديثه، أشار فرح إلى أن النقاش الدائر حاليًا يتمحور حول آلية استرداد هذه الأموال، وهل ستكون عبر ضرائب مباشرة أم تسويات مالية جزئية؟ مؤكدًا وجود “نية جديّة لإعادة قسم من هذه الأموال إلى حسابات المودعين، مما قد يمهد الطريق لصرف دفعات إضافية لهم في المرحلة المقبلة”.