عادت إلى الواجهة مجددًا قضية الودائع السورية المجمدة في المصارف اللبنانية، لتثير جدلًا سياسيًا واقتصاديًا واسعًا، خصوصًا في ظل محاولات ربطها بملفات شائكة كعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
ورغم الحديث عن مبالغ خيالية تصل إلى 50 مليار دولار، يؤكد خبراء ومصادر مصرفية أن الرقم الفعلي لا يتجاوز 3 إلى 4 مليارات دولار، وهي بمعظمها ودائع أفراد سوريين لا صلة لهم بالنظام السوري السابق.
وفي سياق هذه الضجة، أوضحت وكالة الأنباء “المركزية” في مقال نُشر على موقعها الإلكتروني أن وسيم منصوري، حاكم مصرف لبنان بالإنابة سابقًا، أكد أن “المصرف لا يحتفظ بإحصاءات تفصيلية عن ودائع الأجانب التزامًا بالسرية المصرفية”، مشددًا على أن الدستور اللبناني لا يميز بين لبناني وأجنبي فيما يتعلق بحقوق الملكية، ما يعني أن حقوق المودعين مضمونة دون تمييز.
وإذ أشار إلى “أن الحصّة الأكبر من الودائع تعود للبنانيين، عاد ليؤكد بأن أي حلّ لأزمة الودائع سيشمل كل المودعين من دون تمييز”.
وتابعت الوكالة:
المنسق العام الوطني للتحالف اللبناني للحوكمة الرشيدة مارون الخولي يستغرب كيفية البحث في أموال مودعين سوريين بين الرئيسين أحمد الشرع ونواف سلام “فهذه الأموال تعود إلى رأسماليين من الجنسية السورية وهي موجودة كودائع في المصارف اللبنانية منذ الخمسينيات والستينيات، إضافة إلى أموال لكبار التجار وأصحاب مؤسسات نظرا إلى قانون السرية المصرفية. ومع انطلاق الثورة السورية عام 2011 انخفضت نسبة المودعين السوريين وصارت تقتصر على طبقة إجتماعية معينة نظرا إلى ما يتطلبه فتح حساب مصرفي لأجنبي من وثائق ومستندات. وقد استفادت هذه الفئة من الفوائد المرتفعة على الحسابات المصرفية”.
في خطاب القسم وعد الرئيس جوزف عون اللبنانيين باستعادة ودائعهم، وبعد تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي يترقب اللبنانيون ما ستؤول إليه السياسة النقدية الجديدة في لبنان. لكن المفاجأة كانت في “القنبلة الدخانية” التي فجرها الشرع في 11 كانون الثاني 2025، خلال استقباله رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، حيث شدّد على “ضرورة إعادة الودائع، وربط قضية عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى سوريا، بقضية الإفراج عن ودائع السوريين العالقة في المصارف اللبنانية، منذ بدء الأزمة المصرفية في لبنان في تشرين الأول 2019 وإعادتها”. وقبل أن يودع ميقاتي كرر الشرع أمامه “أن قضية الودائع من أولويات الإدارة السورية الجديدة”، مطالبا بضرورة حلّها لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، كما دعا “إلى تشكيل لجان مشتركة لدراسة الملف بشكل مفصل، واقتراح حلول عملية لاستعادة هذه الأموال، علماً أنه لا توجد أرقام رسمية منشورة لقيمة ودائع السوريين في لبنان”.
قيمة الودائع التي حددها الشرع خلال استقباله ميقاتي بلغت 50 مليار دولار دولار أميركي “لكنها لا تناهز الـ 3 أو 4 مليارات دولار كحد أقصى يقول الخولي وهي تشمل ودائع قديمة تعود إلى الستينيات حين لم يكن لسوريا نظام مصرفي متكامل وودائع حديثة بعد العام 2002 نتيجة انعدام الثقة بالمصارف السورية.
وإذ ينفي وجود ودائع مصرفية لرجالات وقيادات سورية تابعة للنظام، باعتبار أن “أموال هؤلاء تحولت إلى استثمارات في كل من روسيا والإمارات وبالتالي لا أموال سورية رسمية يمكن المطالبة بها وما قام به الشرع خلال لقائه ميقاتي هو خطأ بروتوكولي وقانوني وأتمنى أن لا يكون تكرر مع الرئيس سلام”، يسأل بالتوازي” بعيدا من السرية المصرفية هل فوّض المودعون السوريون في المصارف اللبنانية أحمد الشرع للمطالبة بأموالهم؟ إذا لا فهو بمطالبته استرداد أموال المودعين السوريين يخرق القوانين المرعية الإجراء لأن هذه الودائع تخضع للسرية المصرفية، وبالتالي لا أعتقد أن أيا من المودعين قد وقع على تنازل في شأن التخلي عن السرية المصرفية في أي من المصارف اللبنانية”.
إذا لا تفويض من قبل المودعين، والأموال غير حكومية وتخص أفرادا سوريين ليسوا من فلول النظام السوري السابق ووضع موضوع اموال السوريين في المصارف اللبنانية على جدول مباحثات الشرع مع أي شخصية سياسية هو خروج عن البروتوكول.