في بداية مفاوضات رفع الأجور في لبنان، يوضح الخبير الاقتصادي الدكتور باسم البواب لموقع “ليبانون ديبايت” أن الأمور ما زالت في مرحلة التفاوض الأولية، مع وجود وجهتي نظر متباينتين. يشرح البواب أن حجم الاقتصاد اللبناني تراجع من 50 مليار دولار إلى 22 مليارًا منذ بداية الأزمة، مما يعني أن الاقتصاد اللبناني لا يتجاوز حاليًا 50% مما كان عليه في عام 2019. وبالرغم من أن القطاع الخاص تمكن من تصحيح الأجور بعد الأزمة، إلا أن القطاع العام لا يزال يعاني من رواتب لا تتجاوز 500 دولار حسب التصنيف الوظيفي للوزارات والإدارات العامة.
ويضيف البواب: “الدولة لها الحق في تحديد الحد الأدنى للأجور في القطاع العام، ولكنها لا تستطيع التدخل في العقود الخاصة بين الموظفين والشركات الخاصة، حيث يتبع لبنان نظام الاقتصاد الحر. ويستبعد البواب إمكانية رفع الأجور في القطاع العام في الوقت الحالي نظرًا لأن موازنة 2025، التي صدرت مؤخرًا بمرسوم، هي موازنة متقشفة لا تتجاوز 4 مليارات دولار، مقارنة بموازنات الحكومات قبل الأزمة التي كانت تصل إلى 12 مليار دولار.
ويرى البواب أن الوضع الحالي صعب بالنسبة للحكومة، إذ إن قانون الإيجارات الجديد فرض أعباء إضافية على العديد من الإدارات الرسمية، مما يزيد من الضغوط المالية. وبالتالي، فإن رفع الأجور وزيادة الإيجارات في نفس الوقت يعتبر أمرًا صعبًا، ما لم يتم تحقيق نمو اقتصادي يساهم في تغطية هذه التكاليف عبر زيادة الضرائب.
ويؤكد البواب أن المفاوضات ما زالت مستمرة، مع عقد اجتماعات متكررة بين كافة الأطراف المعنية، بما في ذلك الهيئات الاقتصادية، المجلس الاقتصادي الاجتماعي، جمعية التجار، وجمعية الصناعيين، إلى جانب الاتحاد العمالي العام ووزير العمل. لكن، كما يوضح البواب، العمال يطالبون بزيادات كبيرة، وهذا شيء مفهوم في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
وفي الختام، يشدد البواب على ضرورة تجنب الحلول المتسرعة التي تمت في سلسلة الرتب والرواتب عام 2018، حيث دفع المواطن اللبناني الثمن. ويوضح أن أي زيادة في الأجور يجب أن تكون مبنية على أساس نمو اقتصادي مستدام، وأن يتم تحقيقها بالتوازي مع تحسين الإنتاجية والاقتصاد بشكل عام.