تحدث وزير الطاقة والمياه وليد فياض، في مقابلة حصرية مع “العربي الجديد”، عن التحديات التي تواجهها وزارة الطاقة في لبنان لضمان استمرارية توافر المحروقات والمياه في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر، وكذلك الحفاظ على استقرار قطاع الكهرباء في البلاد.
وتطرق فياض إلى عدة خطط طوارئ وضعتها الوزارة للتخفيف عن المواطنين وضمان توافر الموارد الأساسية، مثل المحروقات والمياه، في مواجهة الأزمات المتتالية.
ولفت إلى أن أسعار المحروقات في لبنان تخضع لجدول أسعار يعدّ من قبل وزارة الطاقة، حيث تتأثر الأسعار بعدة عوامل، أبرزها سعر النفط العالمي.
وتابع: “رغم ارتفاع كلفة التأمين على البواخر بسبب حالة الحرب، إلا أننا أخذنا هذه العوامل بعين الاعتبار لتخفيف الأعباء على المواطنين”.
وبخصوص أي ارتفاع محتمل في الأسعار مع دخول فصل الشتاء، أوضح فياض أن الوزارة تراقب الوضع عن كثب وأن الأسعار في لبنان ستظل مرتبطة بالأسواق العالمية.
وأضاف أن سوق المحروقات في لبنان يخضع لمبدأ العرض والطلب، حيث يتم تلبية احتياجات السوق من قبل القطاع الخاص، مع احتفاظ الدولة بحصة صغيرة في السوق.
وأكد أن الحكومة اللبنانية لا قدرة لها على إعادة الدعم على المحروقات في الوقت الحالي، ولكنها تركز جهودها على ضمان توفر المحروقات الأساسية للتدفئة والمولدات في مراكز الإيواء ومحطات ضخ المياه، بالإضافة إلى المحروقات اللازمة لتشغيل معامل الكهرباء.
وفيما يتعلق بتأمين استمرارية توافر المحروقات في الأسواق اللبنانية، قال: “توافر المحروقات مرتبط باستدامة استقدام البواخر عبر البحر، سواء للوقود المخصص للنقل أو للتدفئة أو للقطاعات الحيوية، وعلى رأسها الكهرباء”.
وأضاف وزير الطاقة أن لبنان يعوّل على الدبلوماسية اللبنانية وجهود الدول الشقيقة والصديقة للإبقاء على هذا الشريان الحيوي مفتوحاً في مواجهة محاولات الحصار الإسرائيلي.
ولفت إلى أن لبنان يملك حالياً احتياطيات من المشتقات النفطية تكفي لمدة أسبوعين، ويتم تجديد هذه الاحتياطيات بشكل دوري مع وصول الشحنات.
وفيما يخص الاتفاقيات مع الدول الأخرى لتأمين الوقود بأسعار تفضيلية، كشف فياض عن تجديد الاتفاقية مع العراق لتزويد لبنان بالفيول الثقيل، حيث تم تجديدها ثلاث مرات حتى الآن، مع العمل على تجديدها للمرة الرابعة.
كما أشاد بالدعم الكبير من الجانب العراقي، الذي ساعد في تأمين الطاقة الكهربائية للبنان على مدى ثلاث سنوات، مشيراً إلى رغبة الحكومة العراقية في تعزيز هذا التعاون.
أما في ما يتعلق بالجزائر، فقد أشار إلى أن الجزائر قدمت دعماً كبيراً للبنان بإرسال بواخر من الفيول مجاناً، وهو ما كان له دور كبير في تأمين الطاقة خلال الأوقات العصيبة.
وتابع أن لبنان يعوّل على الدعم الجزائري المستمر ويسعى لتعزيز هذه العلاقات الأخوية.
وفيما يخص قطاع الكهرباء، أكد وزير الطاقة أن الوزارة قد وضعت خطة مستدامة لتحسين وضع الكهرباء في لبنان، حيث تم تنفيذ خطة متكاملة نالت موافقة ودعم البنك الدولي.
وقال: “لقد تمكنا من العودة للتوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان لأول مرة منذ عشرات السنين، وذلك بفضل تطبيق نظام تسعير جديد يرتبط بسعر النفط العالمي وسعر صرف الدولار الحقيقي”.
ورأى أن هذه الخطة ساعدت المؤسسة على تمويل مصاريفها ودفع مستحقاتها للمتعهدين والمشغلين، فضلاً عن شراء المحروقات.
وأكد أن الوزارة تعمل جاهدة على تحسين ساعات التغذية الكهربائية في لبنان، رغم التحديات الأمنية واللوجستية المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي، مشيداً بتضحيات عمال وموظفي مؤسسة كهرباء لبنان الذين سقط منهم شهداء أثناء إصلاح الأعطال الناتجة عن الاعتداءات.
وحول مستقبل توليد الكهرباء من مصادر بديلة، أشار إلى أن وزارة الطاقة قد أصدرت رخصاً لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، إلا أن الأزمة المالية قد عطلت تنفيذ هذه المشاريع.
وأكد أن بعض الشركات العالمية أبدت اهتماماً بتنفيذ هذه المشاريع، بما في ذلك شركة “CMA CGM” التي تقدمت بإنشاء مشاريع طاقة شمسية بقدرة 30 ميغاوات. كما تحدث عن مشاريع أخرى تشمل توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية، التي تهدف إلى توفير مصادر طاقة مستدامة بتكلفة أقل.
وفيما يتعلق بقطاع المياه، قال فياض: “العدوان الإسرائيلي دمّر العديد من البنى التحتية، بما في ذلك قنوات مؤسسة الليطاني التي تنقل المياه إلى الأراضي الزراعية في الجنوب”.
ولفت إلى أن الجيش اللبناني والدفاع المدني بذلوا جهوداً كبيرة لإصلاح الأضرار وإعادة توصيل المياه إلى الأراضي الزراعية. وأضاف أن التكلفة الأولية للأضرار التي نتجت عن العدوان في البنية التحتية للمياه بلغت نحو 160 مليون دولار.
وأكد أن الوزارة تعمل على تأمين إصلاحات جزئية للبنية التحتية المدمرة، وفي حال تم وقف إطلاق النار، ستكون هناك خطط شاملة لمعالجة الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي والمائي.
وفيما يتعلق بتعاون لبنان مع المنظمات الدولية، شدد فياض على ضرورة تفعيل هذا التعاون لضمان توفير الدعم اللازم لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة في لبنان.
وقال: “الأولوية يجب أن تكون لتحقيق وقف إطلاق النار بأسرع وقت ممكن، ثم يأتي دور المجتمع الدولي في دعم إعادة الإعمار، خاصة في قطاعي المياه والكهرباء”.
ختاماً، أشار إلى أن لبنان في حاجة ماسة إلى الدعم الدولي لإعادة بناء ما دمره العدوان الإسرائيلي، مؤكدًا أن الجهود ستستمر على كافة الأصعدة لتأمين احتياجات المواطنين ومواصلة تقديم الخدمات الأساسية لهم.