جاء في موقع mtv:
ليست معراب بعيدة عن الأحداث. من فوق، يطلّ سمير جعجع على الأحداث التي تتسارع في لبنان والمنطقة، متابعاً وقارئاً ومطلقاً المواقف، والأهمّ مترقّباً ولادة “لبنانٍ جديد” حين تتراجع لغة الصواريخ وتعود المسيّرات الى قواعدها، ويبدأ بناء الدولة التي تبدو اليوم كمثل الأبنية التي تستهدفها القذائف. مترنّحة على وشك السقوط.
نحاور رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع، مع بداية أسبوعٍ يزدحم، كسابقيه، بالأحداث، بين الدبلوماسيّة والسياسيّة والعسكريّة.
نبدأ من جلسة انتخاب اللجان النيابيّة وهيئة مكتب المجلس، التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري غداً الثلاثاء. يؤكّد جعجع أنّ “نوّاب تكتّل “الجمهوريّة القويّة” سيحضرون الجلسة، إلا أنّ موقف التكتّل سيُحدّد بعد استكمال التشاور مع باقي الكتل لنرى ما هو الأنسب في هذه المرحلة مع تشديدنا على الالتزام بالانتظام الدستوري”.
ولكنّ جعجع ينطلق من إيجابيّة هذه الدعوة لتجديد موقفه من انتخاب رئيس الجمهوريّة. يقول: “أهنّئ الرئيس بري الذي، على الرغم من الظروف التي نعاني منها، دعا الى هذه الجلسة، ولكن كان الأجدى به أن يكون حريصاً أيضاً على الدعوة الى جلسة لانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة، وهي مؤسّسة دستوريّة قائمة بذاتها وتفوق بأهميّتها سائر المؤسّسات، خصوصاً أنّه مرّ عامان على الشغور الرئاسي، كما أنّ الوضع الحالي يحتّم الدعوة فوراً الى جلسة مفتوحة بدوراتٍ متتالية لانتخاب رئيس”.
نسأل جعجع: أليس الأفضل أن يؤجّل انتخاب الرئيس الى ما بعد وقف إطلاق النار كي لا تنفجر الأزمات الحاليّة كلّها في وجهه؟
فيجيب: “على العكس، بل لأنّ البلد يمرّ في حالة حربٍ شعواء يجب أن تُستكمل المؤسّسات الدستوريّة، خصوصاً أنّ من يدير البلد اليوم مجلس وزراء “أكل عليه الدهر وشرب”، بفعل حصريّة صلاحيّاته بتصريف الأعمال، ما يؤدّي الى شبه شللٍ في عمل المجلس النيابي، ويحتّم ذلك انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة وفتح المجلس النيابي ليلاً ونهاراً لمواكبة ما يحصل”.
يبقى الاستحقاق الرئاسي أولويّةً بالنسبة إلى جعجع. هو ثابتٌ على موقفه منذ أكثر من عامين، وقد اقتربنا من دخول العام الثالث من الشغور. لا نبتعد عن الرئاسة لنعرّج على ما قاله أخيراً النائب جبران باسيل عن إدراجه اسم جعجع على لائحة المرشّحين للرئاسة. يضحك جعجع كثيراً، قبل أن نصرّ على التعليق. فيقول: “أكتب الإجابة “وضحك وضحك طويلاً”.
بين لبنان وإيران
بين التهديدات الإسرائيليّة وتوسّع مروحة الغارات، برز أمس كلامٌ لرئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف قال فيه إنّ “المرشد والمسؤولين والشعب الإيراني هم الركيزة الأساسيّة للبنانيّين”. يتوقّف جعجع عند هذا الكلام، ليؤكّد أنّ “العلاقة بين لبنان وإيران التاريخيّة كانت ممتازة، إلى حين الانتقال الى الجمهوريّة الإسلاميّة، ولكن ما قاله قاليباف غير صحيح، فإيران كانت ركيزة لفئة محدّدة من اللبنانيّين هي حزب الله، ما أدّى الى نشوء دويلة على حساب الدولة”.
وتابع جعجع: “لو أرادت إيران أن تكون ركيزة للبنان لكانت ساعدت الدولة اللبنانيّة لا حزباً، كما أنّ تصرّفات إيران في لبنان نغّصت حياة اللبنانيّين طيلة ثلاثين سنة ومنعت قيام دولة حقيقيّة وجعلت حزب الله يقيم تحالفات مع فاسدين ما أدّى الى انهيار الاقتصاد ونشوب الكثير من الأزمات واندلاع حروب نأمل أن تكون هذه الحرب آخرها”.
من جهةٍ أخرى، يشيد جعجع بالموقف اللبناني الرسمي من كلام قاليباف، معتبراً أنّه “بصيص أمل بقدرة المسؤولين الرسميّين على اتخاذ مواقف محقّة وصلبة”، لافتاً الى أنّه كان يأمل أن يُبلّغ هذا الموقف الى حزب الله قبل الآن بكثير، “لربّما كنّا تجنّبنا بعض ما وصلنا إليه”.
من هو ركيزة الشعب اللبناني إذاً؟
يقول جعجع: “يُفترض أن تكون الدولة اللبنانيّة التي مُنعت من تأدية دورها، وأصدق دليل على ذلك أنّ المعارك الدائرة اليوم هي لمصلحة النفوذ الإيراني في المنطقة، وقد حذّر كثيرون من هذه الحرب منذ فترة طويلة من دون أن تقوم الحكومة الحاليّة المعروفة بانتماء أكثريّتها بأيّ دورٍ لتجنّب هذه الحرب”.
كيف ستنتهي هذه الحرب؟
تُطرح سيناريوهات كثيرة عن كيفيّة انتهاء الحرب، بين توعّد حزب الله، وخلفه إيران، بالانتصار والانتقام، ووضع إسرائيل سقفاً عالياً لأهدافها.
يلفت جعجع الى أنّ “تسلسل الأحداث والمواقف المعلنة أميركيّاً وأوروبيّاً وعربيّاً يوحي بأنّ هذه الحرب لن تنتهي “على زغل”، كما أنّ بعض اللبنانيّين باتوا يملكون من الوضوح والجرأة ما يجعلهم يرفضون استمرار الواقع الذي كنّا نعيشه، زد على ذلك أنّ بعض المسؤولين الذين باتوا يطالبون بتطبيق القرار ١٧٠١ انضمّوا الى ما كنّا نقوله، ولو بطريقة أكثر خجلاً حفاظاً منهم على “خطّ الرجعة”.
ويختم جعجع: “يجب أن تنتهي هذه الحرب بشكلٍ واضح، وأنا متفائل بذلك”.