جاء في صحيفة “الأنباء الكويتية”:
“على السوريين العودة إلى بلادهم والحكومة السورية رفعت القيود”. كلام حديث لرئيس خطة الطوارئ الحكومية الوزير ناصر ياسين، سبقه قبل يوم قول محافظ بيروت مروان عبود إن “لا قدرة للبنان اليوم على الاستمرار بإيواء النازحين السوريين لأن أبناء البلد أولى بهذه العناية والإمكانات محدودة، ويمكن للسوريين العودة إلى بلادهم ولا خطر على حياتهم وأمنهم”.
تصريحات لبنانية رسمية ووقائع عملية على الأرض، تدل على أن باب عودة النازحين السوريين إلى سورية قد فتح على مصراعيه كأمر واقع فرضته الحرب الإسرائيلية على لبنان، التي خلفت حتى اليوم مليون ومائة الف نازح لبناني وأكثر، من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت ضاقت بهم مراكز الإيواء الرسمية، فكان العراء مسكن بعضهم.
حتى الأمس القريب أي قبل 23 أيلول تاريخ بدء نكبة النزوح، كان ملف النازحين السوريين هو العبء الأثقل والأخطر على لبنان اجتماعيا واقتصاديا وديموغرافيا، وسط تحذيرات توالت في الفترة الأخيرة عن خطر وجودي يهدد الكيان اللبناني جراء الوجود السوري غير المشرع على أرضه. لكن ما استحال حله بالسياسة على هذا الصعيد قدرت عليه الحرب، وكأنه القدر، فوضعت العودة على السكة من دون منة من أحد إلا من الحرب.
نقطة المصنع في البقاع الفاصلة حدود لبنان عن حدود سورية، وتحديدا عن بلدة جديدة يابوس في محافظة ريف دمشق، تحولت منذ أكثر من أسبوع نقطة عبور من الحرب في لبنان إلى الأمن في سورية. وكأن الآية انقلبت، فأضحت سورية آمنة للنازحين عنها منذ 11 سنة.
كذلك كانت حال معبر العريضة الذي يفصل بلدة العريضة في قضاء عكار عن محافظة طرطوس في سورية، ومعبر جوسية الفاصل بين البقاع الشمالي في لبنان وريف القصير في محافظة حمص.
ويقول وزير الشؤون الاجتماعية فيكتور حجار إن “لبنان ما عاد بلدا آمنا، فيما سورية آمنة ويجب الاستفادة من هذا الوضع ليعود السوريون إلى بلادهم”. وأشار إلى أن “هذا الأمر هو مسؤولية المفوضية العليا للاجئين ومنظمة الهجرة الدولية”. وتابع: “هناك من بين السوريين في لبنان من غادر منزله على عجل من دون أوراقه الثبوتية”.
وبحسب القائم بأعمال السفارة السورية في لبنان علي دغمان، فإن ثمة تنسيقا مع الأمن العام اللبناني لتسهيل عودة السوريين عبر المعابر الشرعية، مع إلغاء دفع مبلغ 100دولار في الجانب الحدودي السوري في إطار ما كان يسمى “بالتصريفة (تحويل 100 دولار على الحدود إلى العملة السورية)”.
ولعل أحد تسهيلات العودة يتمثل في كون الرئيس السوري بشار الأسد قد أصدر في 22 أيلول الماضي مرسوما تشريعيا يتضمن “عفوا عاما عن جرائم الفرار (من الخدمة العسكرية)، والجنح والمخالفات المرتكبة قبل هذا التاريخ”، ما يجعل خشية البعض من الملاحقة في حال العودة إلى سورية منتفية بالقانون.
من مفارقات القدر أن السوريين يعودون اليوم بعشرات الآلاف إلى بلادهم هربا من حرب لبنان، في موازاة لجوء عدد أقل من اللبنانيين إلى سورية طلبا للأمان. أما لسان حال السوريين العائدين، فهو: “راجعين ع بلادنا”، فيما لسان حال بعض اللبنانيين النازحين: “هربنا ع بلدنا التاني سوريا”.