تابعنا على تلغرام

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر تلغرام للحصول على آخر الأخبار

عن تعديل الحدّ الأدنى للأجور؟!

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر واتساب

جاء في موقع أساس ميديا:

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن نسبة التضخّم في لبنان وتداعياتها على القدرة الشرائية لرواتب وأجور أصحاب الدخل المحدود. وكان من أوّل ضحايا هذا الجدل العقيم إقرار قانون الحد الأدنى للأجور على رقم 18 مليون ليرة لبنانية شهرياً، وهو ضعفا ما هو عليه اليوم (9 ملايين ليرة لبنانية شهرياً)، ودون ما تمّ استنتاجه من الدراسات العلمية لغلاء المعيشة في لبنان (52 مليون ليرة لبنانية). وبهذا يكون الاستنتاج الأوفر حظّاً من أداء الطبقة السياسية هو غياب المنطق والموضوعية والمقاربة العلمية في إقرار كلّ القوانين التي تطال لقمة عيش المواطن. والأمثال على ذلك كثيرة. لكن أكتفي بذكر قانون الموازنة العامة لعامَي 2022 و2024 مع القفز عن قطع حساب عن السنوات السابقة، والامتناع عن دراسة وإقرار الموازنة العامة لعام 2023، وما كان لهذه القوانين من تداعيات على الاقتصاد بشكل عام.

التضخّم في الأسعار يشير إلى ارتفاع مستوى الأسعار بشكل عامّ في الاقتصاد (أيّ اقتصاد؟ الاقتصاد الرسمي أم اقتصاد الظلّ؟)، وهو ما يؤدّي إلى تقليل قوّة الشراء للعملة (أيّ عملة؟ الليرة اللبنانية أم الدولار الأميركي؟). ويجب أن لا نخفّف هنا من أهمّية تأثير التضخّم على أصحاب الدخل (وعن أيّ دخل نتحدّث؟ الدخل بالليرة اللبنانية أصلاً أم بالدولار الأميركي الفريش؟).

اللّيرة للفراطة.. والقروش

يُعتبر التضخّم مؤشّراً اقتصادياً مهمّاً لأنّه يؤثّر على الاستهلاك، الادّخار، الاستثمار وغيرها من جوانب الاقتصاد. بات الكلّ يعلم بأنّ الاستهلاك أصبح مدولراً بنسبة 95%، مقابل 5% بالليرة اللبنانية. وهي فقط لتسديد الفراطة: 10 و15 و… قرشاً أميركياً. أمّا الادّخار فحدّث ولا حرج.

بسبب انعدام الثقة بالقطاع المصرفي وبكلّ ما توفّره السلطة الحاكمة، لجأت مكوّنات المجتمع اللبناني إلى شراء العقارات والذهب كوسيلة للادّخار، وابتعدت عن الأوراق النقدية بسبب ارتفاع معدّل الجريمة في لبنان، وعن الحسابات المصرفية. وهذا يعود إلى جرائم من نوع آخر. في ظلّ هذا الواقع الاقتصادي الضبابيّ والمعقّد في لبنان كيف يكون من الممكن مراقبة الأسعار واحتساب نسبة التضخّم؟

لهذه الأسباب كلّها يجب أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر قبل الاعتماد على ما يتمّ التداول به من نسب للتضخّم!

ليس تعديل الرواتب والأجور بالضرورة تحسيناً فيها. وأيّ تعديل في هذه الرواتب (الحدّ الأدنى للأجور للعمّال تحت سقف القانون) في ظلّ غياب تامّ لخطّة اقتصادية واجتماعية واضحة المعالم، سوف يزيد من آلام هذا المواطن صاحب الدخل المحدود، ولن يكون الحلّ.

إحراج أصحاب المؤسّسات التّجاريّة؟

بعد المحاولات المتكرّرة والثبات في أداء مكوّنات القطاع الخاصّ للصمود والاستمرار في خدمة الاقتصاد، أفراداً ومؤسّسات، يمكن الذهاب إلى أقصى الحدود من خلال الخطوات الآتية:

  • إعادة النظر في مكوّنات سلّة الاستهلاك والتوجّه نحو المنتجات المحلّية والماركات الأقلّ كلفة.
  • إقفال بعض فروع بعض الشركات. وإقفال بعض خطوط الإنتاج غير المربحة، وصرف بعض الموظّفين من الخدمة. وهذا كلّه لتخفيض المصاريف التشغيلية.

أيّ محاولة للذهاب بهذه المصاريف عكس الاتّجاه العامّ الذي ينتهجه الأفراد ومؤسّسات القطاع الخاص سوف تترتّب عليها تداعيات غير حميدة، منها:

  • صعوبة في تأمين فاتورة الاستهلاك.
  • صرف موظّفين من الخدمة.
  • إحداث إرباك في سلسلة الرتب والرواتب ضمن المؤسّسة الواحدة لأنّ تعديل الحدّ الأدنى للأجور دون غيره قد يرفع أجر المرؤوس إلى عتبة تفوق راتب الرئيس. وبذلك تجبر المؤسّسة على تعديل كلّ الرواتب، وهنا تقع الواقعة في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.
  • وهنا يُطرح السؤال: هل كان هذا هو الهدف وراء هذا التعديل في الحدّ الأدنى للأجور، لإحراج أصحاب المؤسّسات التجارية؟

إنقاذ الصّندوق الوطنيّ للضّمان الاجتماعيّ

يتوجّب على السلطة الحاكمة الأخذ بالاعتبار أنّ حزام الأمان الاجتماعي الذي كان يوفّره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من خلال صناديقه الثلاثة: التعويضات العائلية، الطبابة والأمومة، وتعويضات نهاية الخدمة… مُني بعدّة صدمات سلبية بسبب الأزمة الاقتصادية منذ اندلاعها في أواخر سنة 2019. ومن بين تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المشكل الأكبر هو في المحورين الثاني والثالث. كان من المفروض أن يتضمّن قرار تعديل الحدّ الأدنى للأجور الفترة الزمنية التي سوف تُعطى للمؤسّسات لتكوين الاحتياط لتغطية هذه التعويضات، أو إمكانية مساهمة الدولة في تأمينها من خلال تقديم إعفاءات ضريبية وتحفيزات وإغراءات للمحافظة على التصريح عن كلّ الأجراء ورواتبهم، لما في ذلك من منفعة للماليّة العامّة والاستقرار الاجتماعي.

الأكيد اليوم أنّ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عاجز عن تأمين كلفة الطبابة والأمومة. لذلك لجأت مجموعة كبيرة من مؤسّسات القطاع الخاص المقتدرة إلى شركات التأمين لتوفير التغطية الصحّية لموظّفيها. وهي كلفة تُضاف إلى دفع اشتراكات الضمان التي أصبحت غير منتجة. هذا يضاف إلى فواتير الطاقة والمياه والهاتف، التي يدفعها كلّ ربّ أسرة وكلّ مؤسّسة في لبنان.

المؤسّسات التجارية الرسمية، التي تعمل تحت سقف القانون، عاجزة عن تأمين الاحتياطي المطلوب لتكوين تعويضات نهاية الخدمة للشريحة التي يطالها هذا التعديل في الحدّ الأدنى للأجور. وبذلك يكون قرار تعديل الحدّ الأدنى للأجور قراراً “فتنويّاً”، ومشروع أزمة اقتصادية، اجتماعية ومعيشية، وليس حلّاً لمشكلة غلاء المعيشة! وهذا يُسجّل إنجازاً جديداً للطبقة الحاكمة والمتحكّمة بالبلاد والعباد.

‏‎في ظلّ الوضع الاقتصادي المتردّي، يتطلّب الحلّ لتحسين الأجور تحفيز الإنتاجية في مؤسّسات القطاع الخاص لتكون له صفة التحسين المستدام. تعديل الحد الأدنى الأجور قرار “فتنوي”، ومشروع أزمة، وهو يختلف عن حلّ مشكلة تعويضات نهاية الخدمة والقيمة الشرائية لهذه المبالغ. وهذه الأخيرة يجب أن تكون تحت عنوان تأمين حزام أمان اجتماعي يغطّي فاتورة الاستهلاك والطبابة والاستشفاء.

يجب، أوّلاً، تحديد الكتلة النقدية المطلوبة لتغطية هذه الكلفة المستحدثة، والسعي إلى تأمينها إمّا عن طريق مشاركة مكوّنات القطاع الخاص من مؤسّسات غير حكومية (Non-governmental Agencies – NGOs ) التي هي اليوم ناشطة وناجحة في تقديم الرعاية الاجتماعية والصحّية لعدد كبير من المواطنين. وهذا يكون مثالاً ناجحاً عن التعاون بين القطاعين العامّ والخاصّ (Public-Private Partnership – PPP) في لبنان لحلّ الأزمات. والدول الصديقة المانحة والمؤسّسات الدولية (كالبنك الدولي) لا تتردّد في المساهمة في هذا المجال إذا كانت الطبقة السياسية صادقة في مقاربتها للموضوع. البديل، أو آخر الحلول، يجب أن يكون تسييل “جزء” من احتياط الذهب، أفليس هو قرش لبنان الأبيض ليومه الأسود؟ أمّا الانتظار فهو “الشيطان الرجيم”.

قناتنا على واتساب

انضم إلى قناتنا الإخبارية عبر واتساب للحصول على آخر الأخبار

تابعنا

على وسائل التواصل الاجتماعي

تابعنا على تلغرام

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر تلغرام للحصول على آخر الأخبار