“رغم كل شي”… حركة الأعياد مقبولة والصيف واعد: الطائرات “مفوّلة”، حجوزات الفنادق 80% والمطاعم “محلّقة”

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر واتساب

“يتيمة بيروت”، متروكة، مشرّدة وحدها في شوارِع، إما قلّ فيها الناس بسبب انحسار الحياة والإمكانات، أو لا تزال تعالج جروح انفجار المرفأ منفردة… ولكن المَشاهِد من الشوارع والاحياء التي كانت عنوانا للسهر والفرح، ومقصدا للسياح العرب والأجانب، لا تبشر بالخير، بل هي استمرار لمَشاهد العامين الماضيين، اللذين أهلكتهما ظروف الحجْر الكوروني وحظر السفر، والتوتر السياسي والأمني، وتداعيات “الانتفاضة الشعبية”، اضافة الى الانهيار الكهربائي، والنقدي والاقتصادي.

“سويسرا الشرق” تترنح تحت ضربات النقص الفادح في جميع مكونات الصناعة السياحية. الفنادق الكبرى تُحتضر، وأكثر من نصفها في العاصمة وحدها أقفلت، لعجزها عن تأمين رواتب العاملين فيها، ومصاريف التشغيل، وكذلك المطاعم أو ما بقي منها، تعمل بنصف دوام، فيما انقطاع الكهرباء الكلّي أهلك هذه المؤسسات توازياً مع النقص الفادح في المحروقات للمولدات، ناهيك عن أسعارها النارية إذا ما وُجدت.

لبنان السياحي الذي كان يتكئ على بضعة مليارات من الدولارات التي كان يضخها القطاع في الاقتصاد، وكان يحلم ويخطط للحصول على قطعة أكبر من جبنة السياحة، منافساً دولاً عربية إقتطعت لنفسها بجهود حكوماتها وبُعد النظر والرؤيا عند حكامها، حصة كبيرة من جبنة النشاط السياحي في المنطقة. هذا اللبنان، تكاد تنعدم فيه مداخيل السياحة، وما أمكن اجتذابه لا يكفي كمصاريف تشغيلية، إذ صارت ليالي السهر فيه للميسورين فقط إذا وُجدوا، والفنادق (أو ما بقي منها مفتوحا) شبه خالية من النزلاء، اللهم إلا من بعض مغتربين، وقلة قليلة من رجال أعمال، أو موظفي المنظمات الدولية. ولكن “رغم كل شي” يعوّل القطاع السياحي على ترسّخ عشق المغتربين لوطنهم الأم والتزامهم عيادته في الاعياد والعطل الصيفية، وبوادر ذلك بدأت تظهر على حجوزات السفر الى لبنان لمناسبة الاعياد وارتفاع مطّرد في منسوب الحجوزات المسبقة صيفا. وبعد الانفتاح الخليجي الاخير تتزايد الآمال بأن تتنامى حركة إقبال السياح الخليجيين والعرب عموما الى لبنان لسببين: أولهما ان الاسعار فيه بعد هبوط سعر العملة متدنية مقارنة مع وجهات الأسواق السياحية الاوروبية، وثانيهما الاضطراب في الاوضاع الاوروبية الذي تسببه حرب أوكرانيا.

الحركة في عيد الفطر؟

يتلقى القطاع السياحي عموما والفندقي خصوصا الصفعة تلو الأخرى، إذ كلما حاولت مؤسساته النهوض تأتيه صفعة جديدة غير متوقعة، تعيده الى نقطة الصفر . لذا لا يستغرب نقيب أصحاب الفنادق بيار الاشقر عدم اختيار السياح لبنان كوجهة سياحية لهم، ويقول: “إذا كان نصف اللبنانيين اختاروا دولا غير لبنان للهجرة، فما بالك بغير اللبنانيين. فالسائح يختار لتمضية اجازته البلد الذي يوفر له الامان والاستقرار، فيما لبنان يفتقر الى أدنى مقومات الاستقرار السياسي أو الأمني أو المالي”، لافتا الى أن “ما يقوم به البعض من اعتداءات على المطاعم وعلى الأشخاص لا يشجع اي سائح على القدوم الى لبنان، وخصوصا الخليجيين منهم، خوفا من تعرضهم لاعتداءات مماثلة”.

من هنا ليس مفاجئا أن تكون نسبة الإشغال في الفنادق منخفضة نسبيا في فترة الاعياد، وفق ما يقول الأشقر لـ “النهار”، علما أنه “خلال عيدَي الفصح كانت نسبة الإشغال مرتفعة، وخصوصا في مناطق التزلج حيث كان مستوى الثلج لا يزال جيدا، فيما غابت الحركة عن بقية المناطق، ويمكن تبرير ذلك بأن الطابع الغالب على هذين العيدين هو الطابع العائلي حيث يفضل اللبنانيون تمضية العيد في البيوت مع العائلة”.

أما بالنسبة الى الحركة في عيد الفطر، فيشير الاشقر الى أن نسبة الحجوزات مرتفعة نوعا ما وتصل الى 80% في المناطق، وغالبية الحجوزات من اللبنانيين، على عكس مدينة بيروت التي تقتصر حركة الفنادق فيها تقريبا على السياح من العراق والأردن ومصر، فيما نسبة الإشغال فيها تعدّ منخفضة ما بين 50 و60%. ولا يعول كثيرا على هذه الحركة، خصوصا أن فترة الاقامة في الفنادق لا تتعدى ليلة أو ليلتين، في حين أنها كانت سابقا 12 يوما على الاقل.

والحال بالنسبة الى الشقق المفروشة لا تختلف كثيرا، وإن كانت نسبة الإشغال أقل نوعا ما، إذ لا تتجاوز الـ 45% وفق نقيب أصحاب الشقق المفروشة زياد اللبان، وأن النسبة الكبرى من الحجوزات هي للعراقيين ومن بعدهم الاردنيون والمصريون، متوقعا أن تأتي في فترة العيد نسبة كبيرة من السوريين بعد تخفيف الإجراءات المتخذة بسبب كورونا. ويشكو اللبان كما بقية المؤسسات السياحية من ارتفاع كلفة المازوت والنقص في المياه بما يرتب على مؤسسات القطاع كلفة لا يمكن تحمّلها وبنسب باتت أكثر من مداخيلها.

لكن المفارقة أن الحجوزات عبر طيران الشرق الاوسط “الميدل ايست” من دول الخليج والعراق والاردن ومصر والدول الاوروبية، وخصوصا لندن وباريس، “مفوّلة”، بحسب ما يؤكد رئيس دائرة المبيعات والتسويق في الشركة مروان الهبر، الذي يشير الى أن “الميدل ايست” اضطرت الى زيادة عدد الرحلات من هذه الوجهات لاستيعاب الطلب من القادمين. وإذا كانت جنسيات هؤلاء غير معروفة، بيد انه من الواضح أن غالبيتهم هم من اللبنانيين، بدليل أن فترة اقامتهم تمتد الى 8 أيار وبعضهم الى ما بعد الانتخابات النيابية في 15 منه. ولا تقتصر حركة الحجوزات على القادمين الى بيروت، إذ يؤكد الهبر أن الحجوزات “مفولة” ايضا في عطلة العيد على طائرات الشركة الى قبرص وتركيا وهي الوجهات السياحية المعتادة للبنانيين.

ونسبة الحجوزات من اللبنانيين والمغتربين على بقية شركات الطيران مشجعة ايضا، وهي بدأت قبل يومين ومستمرة للأيام العشرة المقبلة، والملاءة وصلت الى 100% بما استوجب زيادة عدد الرحلات، وفق نقيب مكاتب اصحاب السفر والسياحة جان عبود. والأمر الايجابي ايضا الذي يلفت اليه هو أن الحجوزات بدءا من 15 حزيران المقبل مشجعة كثيرا والطائرات شبه ممتلئة، لافتا الى “بارقة أمل قد تعيد المجد السياحي الى لبنان، وتتعلق بتحسن العلاقات بين لبنان ودول الخليج بما يمكن ان ينعكس ايجابا على موسم الصيف”.

واذا كانت حركة الفنادق والشقق المفروشة غير مكتملة، فإن المطاعم تبدو أفضل حالا نسبيا، إذ يوضح نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني الرامي أن حركة الافطارات في شهر رمضان كانت ما دون الوسط، وهذه النسبة غير مستغربة برأيه، نسبة الى تراجع القدرة الشرائية وغياب المغتربين، اضافة الى أن حفلات الافطار التي كانت تقيمها الشركات والمؤسسات والجمعيات كانت شبه معدومة. ولكن في المقابل، لاحظ الرامي أن حركة المطاعم في فترة “السحور” كانت جيدة جدا كونها أقل كلفة من الإفطار وتقتصر تقريبا على “النارجيلة” والحلويات والمشروبات الخفيفة. صحيح أن القطاع المطعمي لا يحقق ارباحا في هذه الفترة، بيد أن الرامي يرى في الحركة التي تشهدها المطاعم مؤشرا ايجابيا يعوّل عليه في فترة العيد.

ماذا عن الحجوزات في العيد؟ يؤكد الرامي أن حجوزات المطاعم ممتلئة بنسبة تصل الى 100% طوال ايام العيد، أي 3 أيام، ويعزو ذلك الى مجيء المغتربين وبعض السياح، معولا على فترة ما بعد الانتخابات النيابية “حيث نأمل أن يشهد لبنان استقرارا سياسيا وماليا، فندخل فترة الصيف بازدحام سياحي من المغتربين والعرب والخليجيين”. وإذ توقع أن يكون موسم الصيف مزدهرا وخصوصا حيال السياحة الداخلية في كل المناطق نظراً إلى الحجوزات في بيوت الضيافة والفنادق، أسف الرامي لأن تكون بيروت غير مشمولة بهذه الحركة كون 10 فنادق من فئة الخمس نجوم لا تزال مقفلة، ولا أفق حول موعد استئناف نشاطها، اضافة الى ذلك فإن مرافق السهر الكبرى والأسماء اللامعة لن تفتح أبوابها هذا الصيف في بيروت، إنما في الأطراف والجبال والمنتجعات.

ويلفت الرامي الى ظاهرة الاعتداء على رواد بعض المطاعم، معتبرا ان “هذا الامر مرفوض شكلا ومضمونا، وهؤلاء المعتدون لا يمثلون إلا انفسهم، فهذه الصورة ليست الصورة الحضارية والثقافية للبنان”. وحتى لا يتكرر مشهد الاعتداء، طالب الرامي القوى الامنية بحماية المؤسسات المطعمية خصوصا تلك الواقعة في الشوارع السياحية الاساسية، اي الجميزة ومار مخايل ووسط بيروت.

شو رأيك؟ بدك ويب سايت بس بـ5$ بالشهر

قناتنا على واتساب

انضم إلى قناتنا الإخبارية عبر واتساب للحصول على آخر الأخبار

تابعنا

على وسائل التواصل الاجتماعي

تابعنا على تلغرام

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر تلغرام للحصول على آخر الأخبار