من أين أتى أسم بيروت؟ .. والى متى يعود تاريخها؟

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر واتساب

اختلف المؤرخون في أصل اسم بيروت، برأيين بارزين، يقول تفسير، أن الاسم مشتق من كلمة بيروتا الآرامية، ومعناها الصنوبرة ويلفظ بيرو هواز، وذهب الاعتقاد الثاني أن الكلمة تعني بئر جمع آبار، كما في العبرية بئروت، والعربية بئر من جذر بير في اللغات المشرقية القديمة، ذلك أن بيروت اشتهرت بوجود الآبار والينابيع منذ القدم، وكذلك اشتهرت بأشجار الصنوبر.

ولكن أقدم ذكر موثق عبر التاريخ في الوثائق التاريخية لاسم بيروت ورد بلفظ “بيروتا” في ألواح تل العمارنة التي وجدت في مصر، والتي تحوي مراسلات تمت بين ملوك جبيل والفرعون امينوفيس الرابع المعروف بأخناتون ( مطلع القرن الرابع عشر ق.م.) ورد فيها اسم “بيروتا” وملكها “عمونيرا”

وبيروت، ورد ذكرها في رسائل تل العمارنة بيروتا وفي النقوش المصرية بي أور تا كما ورد في التوراة بيروث، وهي البيرة قرب رام الله، وفي نبوءة حزقيال 16.47 بيروتا قرب حماة.

وذكر أن “بيروت” بالمعنى السامي تعني “الصنوبر” لغابات الصنوبر، بسبب وقوعها بالقرب من غابة صنوبر كبيرة هي اليوم ما يُعرف بحرش أو حرج بيروت. ومن الأسماء الأخرى التي دعيت بها منطقة بيروت هو: “لاذقية كنعان”، “مستوطنة جوليا أغسطس بيريتوس السعيدة”، “دربي”، “رديدون”، “باروت”. ولقبت المدينة عبر العصور بالعديد من الألقاب منها: سماها الفينيقيون “بالمدينة الإلهة” و”بيروت الأبيّة والمجيدة” لعنادها في مقارعة مدينة “صيدون” و”زهرة الشرق”، وأطلق عليها الرومان “أم الشرائع” بسبب بناء أكبر معهد للقانون بالإمبراطورية فيها. ونعتها العثمانيون “بالدرة الغالية”. في العصر الحديث خلدها نزار قباني بلقب “ست الدنيا”. وعرفت أيضا باسم “باريس الشرق” خلال فترة الستينات وأوائل السبعينات من القرن العشرين، أي خلال عهد الازدهار الاقتصادي في لبنان.

تاريخ بيروت

نشأت بيروت في عصر ما قبل التاريخ، وكانت أرضاً صخرية تغمرها مياه البحر التي إنحصرت في العصر الحجري القديم، فظهرت هذه الأرض على الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط. ومنذ نهاية الألف السابع قبل الميلاد، عاش فيها إنسان العصر الحجري الحديث. وفي مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، نزح شعب سامي من شبه الجزيرة العربية، فسكنها لتحمل مع بقية المدن الساحلية اسمه المدن الكنعانية، وقد سكنها الشعب الكنعاني في الفترة (2000-1200 ق.م). وفي هذه الفترة أيضاً تبلورت علاقات مصر الفرعونية ببيروت وبقية المدن الساحلية، وخاصة مدينة جبيل {بيبلوس}، والتي استمرت أكثر من ثمانية قرون. وعاشت بيروت مع المدن الفينيقية عصرها الذهبي، بعد تحررها من النفوذ المصري، لمدة ثلاثة قرون 1200-900 ق.م. ولكنها كانت دوماً محط الدول الكبرى التي تنشأ وتزول، فهبرها الآشوريون والكلدان والفرس، ودخلت نحت نفوذهم (900-333 ق.م) كما دخلها الاسكندر المقدوني، لتدخل تحت حكم اليونان (333-64 ق.م).

أصل السكان

بدأت هجرة الشعوب السامية من شبه الجزيرة العربية نحو الشمال الشرقي في النصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد. ومن هذه الهجرات تفرعت شعبة كنعان، التي سكنت الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وشعبة أمورو، التي سكنت الداخل، في الثلث الأخير من الألف الثالث قبل الميلاد. وليس لدينا دليل على وجود الساميين قبل الهجرة الأمورية/الكنعانية. ويمكن أن يكون أصل الشعب الذي عاش في بيروت والساحل قبل تلك الهجرة، هو مزيج من عروق وشعوب عاشت في العصر الحجري الحديث، أي منذ نهاية الألف السابع قبل الميلاد، وربما تداخلت فيه بعض العناصر السامية. وعلى هذا الأساس يمكن إطلاق كلمة كنعان والكنعانيين على الأرض والشعب السامي الذي عاش في بيروت وساحل البحر المتوسط الشرقي، منذ نهاية الألف الثالث قبل الميلاد وحتى هجوم الشعوب البحرية حوالي القرن الثاني عشر قبل الميلاد، أي في الفترة 2000-1200 قبل الميلاد. كما يمكن إطلاق تسمية فينيقيا والفنيقيين على الأرض والشعب السامي الذي سكن بيروت والساحل، منذ القرن الثاني عشر قبل الميلاد وحتى فتوحات الاسكندر المقدوني، أي في الفترة {1200-333 قبل الميلاد}. فالشعب الذي سكن بيروت والمدن الساحلية، سواء سمي بالكنعانيين أو بالفينيقيين، هو شعب سامي. والسامية هي تسمية لغوية تطلق على الذين يتكلمون اللغة السامية، وهم الشعوب الأكادية والآشورية والبابلية والكنعانية ـ الفينيقية والآرامية والعبرية والحبشية. وهذه الشعوب تتقارب في اللغة، والمؤسسات الاجتماعية، والعقائد الدينية، والصفات النفسية، والأوصاف الطبيعية. ونستنتج أن الموطن الأصلي لهذه الشعوب السامية هو شبه الجزيرة العربية، حيث كانت تعيش في المكان نفسه وتتكلم اللغة نفسها.

عصور ما قبل التاريخ

اكتشف الباحثون وعلماء الآثار عدّة مواقع أثرية تقع ضمن حدود المناطق التي تُشكّل مدينة بيروت المعاصرة، وكان معظم هذه المواقع يحتوي على أدوات صوّانية تعود لعهود متعاقبة تبدأ من العصرين الحجريين: القديم الوسيط والقديم العلوي، مرورًا بالعصر الحجري الحديث ووصولاً إلى العصر البرونزي. أما أبرز هذه المواقع فهي:

موقع ميناء الحصن: وصفه الباحثون بأنه “قرية بيروتيّة”، ويُرجّح أن موقع الأصلي كان على شاطئ البحر بالقرب من فندقيّ الشرق وبسول، في الجادّة الفرنسية المعروفة محليًا باسم “شارع الفرنساوية”. اكتُشف الموقع في سنة 1894، ودُرس لأول مرة على يد أحد الآباء اليسوعيين في سنة 1900. وُصفت الأدوات الصوانية التي عُثر عليها في الموقع بأنها موستيرية، وقد احتفظ بها متحف الفنون الجميلة في ليون.

موقع أم الخطيب: يقع شمال منطقة الطريق الجديدة الحالية، وعُثر فيه على أدوات صوّانية ترجع للعصر النحاسي. تدمّر هذا الموقع بعد أن شُيدت عليه مبان في سنة 1948.

موقع فرن الشبّاك: يقع على الضفة اليسرى من نهر بيروت، حيث تنتهي حدود المدينة. كانت المنطقة مغطاة سابقًا بالرمال الحمراء التي شكّلت مصاطبًا للنهر ترجع للعصر الرباعي. عثرت مجموعة من الآباء اليسوعيين على هذا الموقع، واكتشفوا فيه عدد كبير من الأدوات الصوّانية التي تعود للعصر الحجري القديم الوسيط، وقد كان معظمها مغروسًا في الرمال على ضفة النهر. شملت المكتشفات حوالي 50 أداة قطع تعود للفترة الأشولينية، يحتفظ بها اليوم المتحف اللبناني للآثار القبتاريخية.

موقع نهر بيروت: قيل بأنه وقع في بستان لأشجار التوت على الضفة اليسرى للنهر بالقرب من خط سكة الحديد المتوجهة إلى طرابلس. اكتشف في هذا الموقع عدّة بقايا لرماح وحجارة صوّانية مسننة وعظام مدفونة وسط الطمي. وقد شُيّدت عليه مبان في الوقت الحالي.

كما عُثر في مواقع أخرى، أهمها موقعا البطركيّة والبرج، على بقايا فؤوس قديمة، وعلى قبور تعود لأواسط العصر البرونزي، في المنطقة الأخيرة، مما دفع الباحثين للقول أن “تل” بيروت القديم، أو المستعمرة البشرية الرئيسيّة، كانت تقوم في ذاك المكان.

-إعلان-
Ad imageAd image

قناتنا على واتساب

انضم إلى قناتنا الإخبارية عبر واتساب للحصول على آخر الأخبار

تابعنا

على وسائل التواصل الاجتماعي

تابعنا على تلغرام

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر تلغرام للحصول على آخر الأخبار