عون لميقاتي: أريد المال.. أو الداخلية

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر واتساب

عَكَسَ كلام مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق بيار رفّول المعادلة الواقعية التي يضعها ميشال عون وجبران باسيل على الطاولة: “إذا بدّو يضلّ على شروطه (نجيب ميقاتي) بيطير متل ما طار (سعد) الحريري”.

رهان أهل العهد يصل إلى هذا الحدّ من المخاطرة إذا وجدت بعبدا نفسها محاصرة بشروط الرئيس المكلّف، وما تقول إنّه “إملاءات الفرنسيين والأميركيين”. هذا من دون أن تقود أزمات الداخل التي تجاوزت الخطّ الأحمر إلى تليين مواقفهما في شأن سلسلة مطالب يراها عون وباسيل الممرّ الإلزامي لفتح الباب أمام ميقاتي لدخول السراي الحكومي.

وعلى الرغم من الإيجابية التي طبعت مواقف رئيس الجمهورية قبل تكليف ميقاتي بساعات، إذ اعتبر أنّه “متعاون ويدوّر الزوايا”، فإنّ قريبين من عون يؤكّدون أنّ “نائب طرابلس هو نسخة “تعطيلية” عن الحريري، وأمّا عطبه الأكبر فهو استكمال “مهمّة” رئيس تيار المستقبل في محاصرة رئيس الجمهورية بأعراف لم تعد مقبولة، وهي على قياس مصالح وأحزاب، وعدم تماهيه مع متطلّبات مرحلة ستشهد انتخابات نيابية ورزمة من الإصلاحات أثبت ميقاتي خلال تجربتين حكوميّتين سابقتين أنّه ليس صاحب أفضلية على غيره في تنفيذها”.

ويضيف هؤلاء: “لو قُدِّر لميشال عون أن يكون له تأثير في التكليف، بالطبع لم يكن نجيب ميقاتي ليكون على لائحة خياراته”.

في اليوم التالي لمغادرة الرئيس المكلّف القصر الجمهوري، إثر الجلسة الرابعة التي جمعته مع الرئيس عون، سردت محطة “otv” المحسوبة على العهد، نقلاً عن “مصادر مطّلعة”، ما مفاده: “اعتماد المداورة الشاملة في توزيع الحقائب الوزارية لا يستجيب فقط للمبادرة الفرنسية، بل يهدف إلى عدم تكريس أعراف جديدة مخالفة للدستور، عبر تخصيص حقائب معينة لطوائف ومذاهب معينة، ما يؤثّر سلباً على الميثاقية ويضرب الشراكة الوطنية، ويتناقض مع الفقرة (أ) من المادة 95 من الدستور”، مشيرة إلى أنّ “وثيقة الوفاق الوطني لم تلحظ حصرية في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف والمذاهب”.

هذه “المطالعة” العونية ليست جديدة على قاموس بعبدا. وبعد الحريري، يصطدم ميقاتي من ضمن سلسلة عوائق أخرى، بمعادلة رفعها عون: “المداورة واجب. والمال أو الداخلية للمسيحيين”.

لا يُتوقّع طبعاً في الاجتماع الخامس المقرّر اليوم بين عون وميقاتي أن يتمّ تذليل عقبة المداورة في الحقائب السيادية التي يصرّ عليها عون وباسيل، مع انفتاح في موضوع وزارة العدل إلى الحدود القصوى للتوافق مع الرئيس المكلّف على اسم الوزير المسيحي لها.

بالنسبة إلى عون وميقاتي، لا بأس أن تحصل هذه المشادّة حول الحقائب والحصص، وأن يُبرِز الثنائي الشيعي، تحديداً الرئيس نبيه بري، تمسّكاً غير مبرّر بحقيبة المال، وأن “يُدار” الرئيس المكلّف بـ”ريموت كونترول” من بيت الوسط، فيما اللبنانيون باتوا حرفيّاً “خارج التغطية” لأيّ حماية يُفترض أن توفّرها مؤسّسات الدولة في مجال الأمن الغذائي والدوائي والاجتماعي والمالي والاقتصادي…

إحدى أكثر “المعارك” العونية وضوحاً في ما يتعلّق بحقيبة الداخلية جاءت عقب مرحلة “داخلية نهاد المشنوق”، بعد ولايتين وزاريّتيْن لنائب بيروت من 2014 حتى 2019.

لم يتوانَ جبران باسيل آنذاك عن مفاتحة الحريري، مباشرةً بعد التكليف الثاني في عهد عون، بالرغبة في التفاوض حول انتقال وزارة الداخلية إلى يد تياره السياسي على أن تبقى الخارجية أو الدفاع ضمن حصّة العهد.

بالنسبة إلى باسيل، كانت حقيبة المال هدفاً بحدّ ذاته، لكنّها بمنظاره آنذاك كانت معركة خاسرة سلفاً، مسلّماً بأنّ “المال أو الداخلية حقّ من حقوق العهد القوي، وما كان متاحاً لميشال سليمان يستحيل أن يُحجب عن ميشال عون”.

يومئذٍ أراد الحريري، بتمسّكه بحقيبة الداخلية، ضرب عصفورين بحجر واحد: إبعاد نهاد المشنوق المعترِض على “إدارة” التسوية الرئاسية، وإحراج العونيين باختيار غير مألوف بتعيين امرأة في الوزارة الأمنية، هي ريّا الحسن.

لم يستطع العونيون، في ظل حكومتيْن للحريري، أن ينتزعوا حقيبة المال أو الداخلية. ومن حسّان دياب إلى مصطفى أديب وسعد الحريري ونجيب ميقاتي، كان برّي والحريري متوافقَيْن على معادلة: “المال للشيعة والداخلية للسُنّة”، في ما يعتبره فريق عون “مخالفة صريحة للمبادرة الفرنسية التي أفتت بالمداورة”. مع العلم أنّ الحريري مَنَح سابقاً موافقته لعون على التخلّي عن الداخلية، ثمّ تراجع.

ستّ سنوات والداخلية في الملعب السنّيّ بعدما استقرّت من عام 1992 حتّى 2011 في الملعب المسيحي مع خرق وحيد تمثّل بتعيين حسن السبع وزيراً للداخلية عام 2005. ولا شيء يدلّ على أنّ ميقاتي سيزيح عن هذا الخطّ.

وقد توجّه عون إلى الرئيس المكلّف في آخر اجتماع بينهما قائلاً: “تخصيص بعض الحقائب الوزارية لفريق أو طائفة ضَرَب مبدأ التوازن الوطني، وأدّى إلى خلافات عميقة شكّلت أحد أكثر العوائق أمام التشكيل المرن للحكومات واختيار الأكفأ. وهذا الخلل لن أقبل به بعد الآن”.

قد يفسّر ذلك ردّة فعل ميقاتي الأخيرة من قصر بعبدا حين اعتبر أنّ النقاش حول المداورة في الحقائب السيادية هو عبارة عن “وكر دبابير” قد يقود إلى اعتذار قريب للرئيس المكلّف عن عدم التأليف.

وفي آخر “تحديث” للمواقف، لا إمكان لتنازل الرئيس بري عن المال ولا ميقاتي مستعدّ، بغطاء وضغط من الحريري، للتنازل عن الداخلية. ويقابلهما تشبّث عون بتعيين شخصية مسيحية في الداخلية أو المال. وهو مطلب عونيّ مُزمن. ويتصرّف رئيس الجمهورية على أساس أنّها الفرصة الأخيرة في آخر أشهر العهد لفرض الالتزام به. وقد سبق لبرّي أن جاهر بُعَيد انتخاب عون رئيساً بأنّ حقيبة المال هي خارج نطاق أيّ تفاوض.

وكانت “المال” قد مُنِحت للمرّة الأولى عام 1989 لشيعي هو علي خليل، ثمّ عادت وحَطّت بين يدَي علي حسن خليل عام 2014 في حكومة تمام سلام، ثمّ في حكومة الحريري الثانية (الأولى في عهد عون) عام 2016 بعد انتخابه رئيساً، لتؤول لاحقاً إلى غازي وزني.

“العقم” الحكومي المتعدّد الأسباب والخلفيّات، وغير المبرّر على الإطلاق، أمام هول الكارثة التي يمرّ بها لبنان، قوبِل أمس بموقف أكثر وضوحاً من المجتمع الدولي على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر الدعم الثالث للبنان، ومفاده: “لن يُصرف أيّ شيك على بياض للنظام السياسي القائم في لبنان”، مسلّماً بأنّ الأزمة “هي ثمرة فشل جماعي وأفعال غير مبرّرة للطبقة السياسية”، ومكرّراً المطالبة بـ”تشكيل حكومة مهمّة تسمح للمجتمع الدولي بدعم لبنان بشكل أكبر”.

-إعلان-
Ad imageAd image

قناتنا على واتساب

انضم إلى قناتنا الإخبارية عبر واتساب للحصول على آخر الأخبار

تابعنا

على وسائل التواصل الاجتماعي

تابعنا على تلغرام

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر تلغرام للحصول على آخر الأخبار