أيها اللبنانيون عن أي حكومة وبلد ستتحدثون؟ (اللواء)

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر واتساب

كتب درويش عمار في “اللواء”:

إنه قدر اللبنانيين الذين باتوا يعانون الأمرّين… ينتظرون الفرج بفارغ الصبر ولو عبر بصيص نور، يتتبعون نشرات الاخبار ومواقع التواصل الاجتماعي لحظة بلحظة علّهم يشاهدون أو يسمعون أو يقرأون خبراً جديداً مفرحاً يثلج الصدور والقلوب.

تُضرب لهم المواعيد بعضها بعيد وبعضها قريب في ما يتعلق بتشكيل الحكومة العتيدة في لبنان، وعندما يبدأون بطرح السؤال تلو السؤال متى وكيف سيحدث ذلك، وما هو المشهد الحكومي الذي ستكون عليه حكومة الرئيس سعد الحريري الجديدة، هل هي حكومة اختصاصيين أو تكنوسياسية أو حكومة مهمة لتقطيع الوقت من الآن ولأشهر معدودة فقط، وهنا يبقى الجواب غامضاً حتى إشعار آخر بإستثناء ما يُسرب وينشر ويذاع عبر وسائل الإعلام وتصاريح بعض السياسيين عن إمكانية قرب الفرج على هذا الصعيد.

إذاً، العيون شاخصة إلى كلّ من بيت الوسط والقصر الجمهوري في بعبدا، ذلك من خلال اللقاءات المتسارعة والمتتالية التي تعقد بين الرئيسين عون والحريري لتذليل ما تبقى من خلال وضع الصيغة النهائية لها قبل إعلان المراسيم.

من هنا يبدأ المشوار بعد الاتفاق بين كلّ من الرجلين، أي الرئيس عون والرئيس الحريري إصدار مراسيم، صورة تذكارية، تشكيل لجنة وزارية لصياغة البيان الوزاري بخطوطه العريضة، وبأدق التفاصيل، بعدما يتم التسليم والتسلم بين الوزراء القدامى والجدد، حتى الوصول إلى جلسات الثقة في المجلس النيابي في ساحة النجمة أو قصر الأونيسكو ما همّ، وذلك للتصويت على منحها الثقة أو حجبها عنها من قبل نواب الأمة أي ممثلي الشعب (أو الممثلين عليه).

بعد إنجاز كل هذه المراحل خطوة خطوة، يُطلق القطار صفارة الانطلاق نحو محطات عديدة والسير قدماً على سكة تنفيذ الإصلاحات المنشودة في بلد نخره الفساد حتى الصميم، كل ذلك ودول المنطقة والعالم يواكبون ويتابعون وينتظرون ماذا سيحدث في لبنان، وبالتالي ماذا ستحقق حكومة الرئيس سعد الحريري بطبعتها الجديدة في مجال إنقاذ البلد وأهله مما هم عليه الآن من تخبط وضياع وانهيار اقتصادي ومالي ونقدي ووضع اجتماعي وصحي ومعيشي صعب وغير مسبوق، وكل ذلك بات يُهدّد بأسوأ العواقب في حال عدم تدارك الأسوأ.

أما ماذا يُمكن للبنانيين جميعاً على مختلف أطيافهم ومشاربهم أن ينتظروا من حكومة جديدة لم تبقَ دولة في العالم الا و«بلّت» يدها في عملية تشكيلها من خلال وضع الشروط حيناً والعقوبات أحياناً على بعض المسؤولين في هذا البلد في محاولة منها للإسراع بالتشكيل، بالتزامن طبعاً مع تحقيق مصالح تلك الدول كلٌّ على قياسه منها، أضف إلى ذلك، وبين ليلة وضحاها توافق السياسيين في ما بينهم بعد تخبط وتشجنات ومهاترات في ما بينهم مما أفرز وضعاً كارثياً ومأساوياً على البلد وأهله، ها هم عادوا والحمد لله بسحر ساحر إلى فتح قنوات اتصال في ما بينهم مباشرة أو بالواسطة لإزالة العقبات من أمام تشكيل حكومة الرئيس الحريري الجديدة مع مراعاة ومطالبة كل طرف سياسي منهم ومع الإصرار والتأكيد لحصته «عدة» وعدداً في حكومة لم يبزغ فجر شمسها حتى الآن.

أما كيف السبيل لإخراج لبنان من هذا المأزق الكبير الذي يتخبّط به حالياً، والذي بات يُشكّل خطراً حقيقياً على كيانه وأرضه وشعبه ومؤسساته ومستقبله، فلا بدّ للاجابة على هذا السؤال الهام أن ننتظر الخطة التي ستعلن عنها الحكومة الجديدة من خلال بيانها الوزاري ومن ثم اللحاق بتلك الحكومة إلى «باب دارها» ولإستكشاف آفاق تنفيذ المطلوب منها خاصة في ما يتعلق بتطبيق الإصلاحات في لبنان على مختلف الصعد.

وبالتالي وضع سياسات جديدة بما يتعلق بمختلف الشؤون والشجون العائدة للبنانيين لا سيما منها الاجتماعية والمعيشية والصحية والتربوية والإدارية وغيرها،إضافة إلى وضع حدّ جذري للنزف الحاصل في عدّة قطاعات حيوية في البلد أبرزها الكهرباء والاتصالات والنقل وادارات الدولة وغيرها.

أما ماذا ينتظر حكومة الرئيس الحريري خلال مشوارها القصير أو الطويل ما همّ، فمن المؤكد انه ينتظرها مهمات صعبة وشائكة يفترض ان تعمل على تذليلها وأن تضع ضمن أولويات حساباتها إعادة الثقة ما بين المواطن والدولة، وبين النّاس والحكومة الجديدة والمؤسسات في البلد بشكل عام.

فالمطلوب من حكومة الرئيس الحريري أولاً وقبل أي شيء آخر الإفراج عن التشكيلات القضائية النائمة في الادراج كي يستطيع القضاء ان يستفيد من ثباته العميق لإصدار الاحكام العادلة وهنا يبطل العجب حين يعرف السبب بالنسبة لعدم إطلاق يد القضاء في لبنان بعيداً عن السياسات والسياسيين، كما وأن المطلوب أيضاً العمل لإعادة الهيبة والقدرة الشرائية لليرة اللبنانية التي وصلت قيمتها الشرائية إلى الحضيض، فيما العملة الخضراء ترقص طرباً وفرحاً حين يحتاج الأمر لذلك وبقدرة قادر تعود لتختفي عن الشاشة في معظم الأحيان، كما وأن المطلوب أيضاً وأيضاً من الحكومة الجديدة معالجة موضوع البطالة التي باتت تطرق أبواب معظم اللبنانيين وأفرزت نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل في وطن الأرز لبنان.

أما ماذا نقول عن اقتصاد أوشك على الإفلاس والانهيار ويكاد لا يجد منقذاً أو معيناً يمد إليه يد الدعم والمساعدة وبات يتدحرج يوماً بعد يوم نحو الدرك الخطير. كذلك المطلوب العمل على إعادة الروح الى قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة في لبنان لأنها مجتمعة كانت حتى الأمس القريب بمثابة العامود الفقري لهذا البلد واقتصاده وناسه، مع عدم نسيان حركة الاستيراد والتصدير والترانزيت التي طالما ميّزت لبنان وكانت ناشطة وفاعلة دائماً.

اما الأهم بالنسبة للبنانيين فيبقى موضوع الإفراج عن ودائعهم المحتجزة في المصارف اللبنانية دون وجه حق، والذين لا يحصلون ولو على جزء يسير منها الا بالقطارة وبما ندر، كما المطلوب أيضاً من الحكومة الجديدة إعادة الأموال المنهوبة التي تمّ تهريبها بمليارات الدولارات إلى الخارج واعادتها إلى الخزينة اللبنانية مع وجوب تطبيق التدقيق الجنائي بكافة مفاعيله وبنوده ومحاسبة الفاسدين والسارقين على هذا الصعيد.

كما يقع على عاتق الحكومة الجديدة معالجة موضوع هجرة الشباب اللبناني والطاقات إلى الخارج بعد ان دفع ذووهم «دم قلبهم» لتعليمهم في أكبر وأرقى الجامعات،إن كان في لبنان أو في الخارج. وباتوا يحزمون حقائبهم يومياً للتفتيش عن بلد آخر يحتضنهم للعيش فيه بكرامة ونجاح.

كما وأن على الحكومة الجديدة ان تعير موضوع السياحة في لبنان التي سجلت صفراً في نسبة الوافدين إلى هذا البلد اهتماماً خاصاً، حيث انها كانت حتى الأمس القريب تعتبر بترول لبنان وتنقل صورة لبنان الحضارية إلى الخارج.

كما على الحكومة الجديدة أيضاً اقفال جميع مزاريب الهدر والنزف الحاصل من خلال إنهاء مهمات كل المجالس والهيئات والجمعيات غير المنتجة كمجلس الإنماء والاعمار ومجلس الجنوب وصندوق المهجرين والهيئة العليا للاغاثة وغيرها وغيرها من تلك المؤسسات الغير منتجة إضافة بالطبع إلى ضرورة إلغاء رواتب النواب السابقين وأسرهم الذين يتوارثون تلك الرواتب منذ سنوات عديدة «أباً عن جد» لأنها تشكّل فيما تشكّل عبئاً كبيراً على الخزينة اللبنانية والمال العام دون جدوى.

كا على الحكومة الجديدة أيضاً وأيضاً وضع حدّ لجشع التجار والمحتكرين وتطبيق القوانين في هذا السياق لا سيما معالجة موضوع الغلاء الفاحش في ما يتعلق بكل ما يعني ويهم المواطن اللبناني على صعيد حياته اليومية والمعيشية والاجتماعية.

وإن ننسى فلن ننسى موضوع العفو العام عمن هم من الأبرياء والمظلومين القابعين وراء القضبان في السجون الذين ينتظرون بفارغ الصبر حكومة وقوانين وشرائع تعيد إليهم حريتهم وفق عدالة لتحقيق هذه الغاية.

كما وأن هناك فئة من اللبنانيين الذين اجتازوا امتحانات مجلس الخدمة المدنية بنجاح هم بدورهم إلى جانب عناصر الدفاع المدني ينتظرون تثبيتهم على أحرّ من الجمر.

كل ما ورد في ما تقدّم يُشير بوضوح إلى بعض ما ينتظر الحكومة العتيدة من ملفات معقدة ومهام ومسؤوليات جسام على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والمالية والحياتية، ناهيك عمّا يواجهه لبنان حالياً بشأن إيفاء ديونه الخارجية وغيرها من القضايا العالقة وأبرزها ترسيم الحدود البحرية ووضع حدّ للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان براً وبحراً وجواً لحفظ أمنه وسيادته واستقراره.

إذاً، أيها اللبنانيون هذه هي صورة الحكومة الجديدة التي يمكن لكم ان تطالبونها بأبسط حقوقكم وما عليها هي الا ان تحاكي النّاس من خلال تنفيذ المطلوب منها.. علّ وعسى خيراً.

شو رأيك؟ بدك ويب سايت بس بـ5$ بالشهر

قناتنا على واتساب

انضم إلى قناتنا الإخبارية عبر واتساب للحصول على آخر الأخبار

تابعنا

على وسائل التواصل الاجتماعي

تابعنا على تلغرام

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر تلغرام للحصول على آخر الأخبار