تابعنا على تلغرام

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر تلغرام للحصول على آخر الأخبار

هذا ما قاله باسيل في لقاء بعبدا!

انضم إلى مجموعاتنا الإخبارية عبر واتساب

كلمة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في لقاء بعبدا الوطني:

نشكُر الرئيس عون على دعوته لعقد هذا اللقاء كما نشكُر دولة الرئيس برّي على جهودِه لعقد هذا اللقاء.

لبنان يمرّ بأخطار كثيرة تهدّد وجوده كدولة، وعندما يكون الخطر وجودياً فإنّه لا يهدّد منطقة أو طائفة أو فريقاً سياسياً إنّما هو يطال المجتمع. من يعتقد بأنّه برفضه حواراً، يعرّي حكومة أو عهداً أو مجموعة، إنمّا هو يعرّي لبنان من جوهر وجوده، خاصة، إذا كان هدف الحوار هو منع الفتنة، من خلال الإتفاق على وقف التحريض الطائفي ووقف التلاعب بالأمن. ومن يرفض هذا الحوار إنّما يدلّ على نواياه بتعطيل الإنقاذ.

أمّا نحن فسنبقى مصرّين على الحوار ولو رفضه الآخرون، ولأنّ هذا الرفض هو موجّه ضد المواطنين الذين ينتظرون بارقة أمل تؤشّر الى استقرار أوضاعهم الأمنيّة أوّلاً ثمّ الماليّة والاقتصاديّة والسياسيّة. الأمن اوّلاً والغذاء ثانياً والمال ثالثاً، فلا غذاء او مال من دون الأمن.

ما كنّا نتمناه من لقاء اليوم هو تلاقٍ على تحريم العبث بالأمن. أمّا وقد التقينا من دون سوانا، فعلّنا نؤكّد فيما بيننا، طالما أنّ الفتنة تحتاج لطرفين فهي لن تقع لأنّ الطرف الأقوى لا يريدها؛ ويكفي أن نعقد العزم ونتوافق فيما بيننا  على عدم وقوعها، فلا تقع.

من هنا علينا أن نطمئن شعبنا ونعدهم أنّ الفتنة لن تقع طالما القوي لا يريدها.

أمّا الأخطار التي تواجهنا فهي عديدة وعلى رأسها ثلاث:

1- الخطر المالي:

الكلمة السحريّة هي “الثقة”، وهي مطلوبة من الداخل من شعبنا، ومن الخارج من الدول الصديقة.

من دون ثقة، لا نحلم بحلّ! ولا يمكن استعادة الثقة بنفس السياسات والأشخاص الذين تسبّبوا بفقدانها.

من دون ثقة، لا تطلبوا من الناس شيئاً ولا يمكن استعادة الثقة من دون محاربة جديّة للفساد، ومن دون استعادة أموال منهوبة وموهوبة، ومن دون تخفيض الفوائد وجعل الاقتصاد يدور مجدداً ويخلق فرص العمل. لا يمكن استعادة الثقة وأموال المودعين تتبخّر في المصارف، ولا يمكن استعادتها من دون اقتصاد حرّ وقطاع خاص فاعل.

شرط الثقة هو إجراء اصلاحات بنيويّة في ماليّتنا العامّة.

الاصلاحات ثمّ الاصلاحات هي مفتاح الحلّ وهي معروفة.

لا يجوز للحكومة أن تنتظر تحديد الخسائر، أو إجراء التدقيق التشريحي، أو إنهاء التفاوض سلباً أو إيجاباً؛ بل عليها أن تبدأ، بالتعاون مع المجلس النيابي، بإقرار الاصلاحات فوراً من دون انتظار. وبصراحة، دولة الرئيس، هناك انخفاض ملحوظ في انتاجيّة الحكومة، هي كما الدراجة الهوائيّة، تقع في أي لحظة تتوقّف عن التدويس بها. أمّا بالنسبة لتحديد الأرقام والخسائر، فهي ستظهر بالنهاية ولو كان من المهمّ تحديدها الآن.

ما هو أهمّ من الأرقام، فهو الحلول وطريقة توزيع الخسائر بشكل عادل.

وهنا نذكّر أنّ لا إمكانية لتسكير هذه الخسائر، ولو صفّرنا المصارف والمصرف المركزي، من دون اقتطاع من أموال المودعين! ولتفادي ذلك، وهو مطلبنا، علينا إشراك الدولة من خلال أصولها بتحمّل جزء من هذه الخسائر عبر الصندوق الائتماني الاستثماري الذي يشترك فيه المودعون كلّ بحسب فئته الايداعيّة؛ وعلى الحكومة إطلاق انشاء هذا الصندوق لإظهار جديّتها بهذا الشأن وهو ما سيوفّر الخدمات للمواطنين والسيولة للبلاد.

أمّا الحل فيكون بتوزيع الخسائر بحسب المسؤوليّة وبعدالة لامتناهية؛ ومعروف أنّ هناك خطّة للحكومة كخيّار اوّل، يستوحي واحدنا منها أنّها تسعى، برغبة من صندوق النقد، لتصفير الخسائر وسدادها سريعاً، وكأنّ بها تصفّي تفليسة للدولة وللاقتصاد، من دون احتساب عامل الوقت الذي بإمكانه إعادة تحريك الاقتصاد وتأمين المداخيل ممّا يساعد على تسكير الخسائرتدريجياً؛ ونحن ضد هذا الخيار الأوّل.

وهناك خيار ثانٍ تقوده المصارف والمصرف المركزي يسعى الى إطالة امد الوقت بشكل غير مقبول لتجنّب الخسائر وكأنّها لم تقع، وهو ما يعتبر استمراراً للسياسة النقديّة القائمة، ونحن ضد هذا الخيار أيضاً.

أمّا الخيار الثالث فهو الأنسب بنظرنا، وهو ما بين الاثنين، وهكذا نكون وسطييّن، بأن نحتسب الخسائر على حقيقتها اليوم، من دون إخفاء ومواربة، ولكنّها تتمرجل وتؤجّل بسدادها على فترة مقبولة (مثل سبع سنوات بدل اربعة)، لإعطاء الفرصة للدولة والمودعين والمصارف لاستيعاب هذه الخسارة واعادة إطلاق نشاطهم من دون إفلاس نهائي.

هذا ما يجب أن نفاوض صندوق النقد حوله، مع اصلاحات جديّة، فندرك منذ الآن، من دون طول انتظار، رغبته وقراره السياسي، بتوفير برنامج لنا. عند هذا الاتفاق، نذهب الى مجلس النواب، وهو سيّد نفسه، لإعطاء الموافقة أو الرفض، ونذهب اليه عند كلّ اصلاح او مجموعة اصلاحات، من خلال مبدأي الفصل والتعاون، لأخذ موافقته. هكذا نسير بسرعة لئلا تسبقنا موجات الجوع.

2– خطر الجوع والفتنة:

وهما للأسف اصبحا متلازمين، لأنّ هناك من يستعمل الجوع (وحاجة المواطنين) سبيلاً الى الفتنة؛ وهناك من يستعمل تهاوي سعر صرف الليرة وسيلةً لتجويع الناس، وهي الحرب المالية التي نتكلّم عنها.

هناك من يقودها بإتقان لتفشيل الحكومة والعهد واسقاط الدولة. وحلّ مشكلة الدولار هو مسؤوليّة المصرف المركزي، وليس هكذا يكون التعاطي معها.

بالنسبة للبعض يسقط برنامج الصندوق، يسقط الشعب في الجوع، يسقط البلد في الفتنة، لا هَمْ! المهم أن تسقط المجموعة الحاكمة! هكذا كانوا دائماً، يبدّئون مشروعهم السلطوي على بقاء الدولة، ويبدّئون المنظومة الماليّة (وهم على رأسها) على المنظومة المجتمعيّة المتماسكة.

المهم أن يبقوا هم ولو سقط المجتمع وسقطت الدولة. وأنا أقول أن المعادلة اصبحت واضحة؛ امّا تسقط المنظومة الماليّة وأمّا تسقط الحكومة والدولة!  وعندها سيتكرّر مشهد بيروت وطرابلس منذ اسبوعين، ويتكرّر في عدّة مناطق لأنّ التحريض السياسي والطائفي سيستمرّ والغاية تبرّر الوسيلة! ولو وقعنا في الفتنة اللعينة فلا بأس طالما هي تتناسب مع اللعبة الدوليّة!

خطر الخارج:

كلّنا مدرك أنّ لبنان أصبح مربوطاً بما يحصل من حوله. و مهما حاولنا الابتعاد به عن مشاكل الخارج، فاللعبة الدوليّة أدخلت علينا كلّ عناصر المنطقة المتفجّرة، برهاننا على ذلك ثلاثة على الاقلّ:

قانون 1) قيصر وسوريا  2) صفقة القرن وقضيّة فلسطين 3) الإرهاب التكفيري وأقلمته.

– قانون قيصر، بالنسبة لما يعنينا منه، يؤدّي الى عزلنا عن شرقنا ونحن عرب وشرقيين ومشرقيين، ولذا فإنّ هذا لن يتحقّق لأنّنا لا نريده. لا بل قد تأتي نتائجه عكسيّة، لأنّه سيدفعنا الى ادارة ظهرنا للغرب، ونحن توافقنا منذ الأوائل وفي الطائف على إبقاء وجهنا باتجاه الغرب فيما نحن مزروعون بالشرق، وهذا ما نريد البقاء عليه.

– صفقة القرن، وهي تتحقّق تباعاُ، وآخر فصولها ضم الضفة او الجزء الأكبر منها وسلخها عن فلسطين وعن العروبة. هي قضيّتنا الأمّ ويتمّ تصفيتها تحت أعيننا فيما يزيد عجزنا عن مواجهة ذلك بسبب ضعفنا واستضعافنا مالياً واقتصادياً بعدما عجزوا عن ذلك سياسيّاً وعسكريّاً.

– الإرهاب التكفيري، ومن قال أنّنا تخلّصنا منه نهائيّاً فيما هو يحوم حولنا في المنطقة من سوريا الى ليبيا، ويتحيّن الفرصة للدخول علينا مجدّداً، بالمال والسلاح والسياسة، في الوقت الذي تضعف فيه مناعتنا الداخليّة بسبب حاجة ناسنا وجوعهم وبسبب التحريض المذهبي الذي يمارسه عن قصد بعض الصغار وينجرّ إليه، عن قصد وغير قصد، بعض الكبار؛ عن قصد بالامتناع عن الحوار والتلاقي وعن غير قصد بسبب الحاجة الى تقوية الذات.  

مواجهة الأخطار

لا تكون المواجهة لهذه الأخطار إلاّ بالصمود اوّلاً وبالتلاقي والحوار ثانياً، ولا سبيل لنا بالخلاص إلاّ به.

به نبدّد الهواجس ونبتكر الحلول، وإلاّ وقعنا في الانقسام والمحظور، فنقع في العزلة العربية والتغرّب وينتهي دور لبنان، ونقع في مخطّط التوطين فينتهي الكيان، ونقع في آتون الإرهاب فينتهي التنوّع.

وهنا ندعوك فخامة الرئيس للإلحاح علينا بالحوار، ولو مهما قاطع المقاطعون، وأنت المؤتمن الأوّل على البلاد وبإصرارك سيعودون.

صحيح أنّ الأزمة فظيعة ولكنّها قد تكون فرصتنا لتصحيح وتغيير ما عجزنا عنه سابقاً، فيكون التغيير بالتفاهم حول هذه الطاولة، عوضاً أن يأتي غصباً عنا في الشارع وما أدرانا كيف يكون هذا الشارع، هادئاً أو مضطرباً، بارداً أو ساخناً، سلمياً او عنفياً؟

أفضل لنا ألف مرّة أن نلتقي حول هذه الطاولة من أن نتواجه مرّة خارجها؛ ويمكننا ان نتحاور حول:

– الخطة الانقاذيّة بكلّ مراحلها نقديّاً وماليّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً، ونتفق بدل أن نختلف على محاربة الفساد وعلى الإصلاحات وعلى الإقتصاد المنتج، فعجزنا المالي والتجاري ليس قدراً محتوماً لنا.

– تطوير النظام من خلال تطبيق وثيقة الوفاق الوطني ليصبح منتجاً غير معرقلاً لذاته، ونتّجه تدريجياً نحو الدولة المدنيّة من دون انقلاب على بعضنا وعلى الدستور بل انطلاقاً منه.

– إعادة تحديد موقع لبنان ودوره تأكيداً عليهما وتمسّكاً بهما من خلال تضامن داخلي يمكنّنا وحده من إسقاط المؤامرة التي تؤدّي الى اسقاط الصيغة والميثاق وبالتالي الكيان.

ولا شيئاً محرّماً في سبيل ذلك كبحث مسألة الاستراتيجية الدفاعيّة والحدود البريّة والبحريّة وحماية لبنان وموارده وغيره…

لا يجب ان نخاف، فخامة الرئيس، من طرح المسائل الجوهريّة من دون المسّ بأولويّة الأزمة الماليّة الاقتصاديّة.

لن يعوّض على لبنان خسارته الماديّة الجارية حالياً سوى انتصاره بتطوير دولته.