كتبت رنى سعرتي في الجمهورية:
عاد الدولار امس الى وتيرة الارتفاع السريع، وتجاوز احياناً في السوق السوداء عتبة الـ5800 ليرة، فيما التزم الصرافون الشرعيون التسعيرة الرسمية، وواصل مصرف لبنان سياسة ضخ حوالى 4 ملايين دولار يومياً في السوق.
مع اعلان نقابة الصرافين وقف بيع 200 دولار للفرد الواحد، وإصدار تعميم حول شروط حصول الافراد والشركات والتجار على الدولارات بالسعر المحدّد يوميا لدى نقابة الصرافين، شهدت السوق السوداء امس قفزة نوعية لسعر صرف الدولار مقابل الليرة تجاوز الـ 5800 ليرة.
إلّا انّ نائب نقيب الصرافين محمود حلاوي أكّد لـ»الجمهورية»، انّ تسعيرة السوق السوداء مجرّد «حكي»، كونها متفلّتة من اي ضوابط ومستعرة بشكل عشوائي.
وشكّك في ان يكون سعر صرف الدولار قد بلغ تلك المستويات، لأنّ حجم التداول في السوق السوداء تراجع بشكل لافت، ولجوء التجار الى السوق السوداء سيعرّضهم الى عواقب عدّة، منها إبراز مصدر الاموال للمصرف عند اي عملية ايداع او تحويل الى الخارج، بالاضافة الى توجّه وزارة الاقتصاد نحو اجبار التجار على تسعير المواد الغذائية وفقاً للسعر المحدّد لدى نقابة الصيارفة.
وقال حلاوي، انّ عملية بيع 200 دولار للمواطنين من دون اي مستندات كانت نوعاً من «التنفيسة» تهدف الى اشراك المواطنين كافة بعملية ضخ الدولارات في السوق من قِبل البنك المركزي، «إنما التهافت على شراء الدولارات من قبل الشريحة من المواطنين، التي لا تحتاج الى ارسال الاموال الى الخارج، كان اكبر من المتوقع. وبما انّ العملية لم تكن تتطلب ابراز اي مستندات رسمية باستثناء بطاقة الهوية، ارتفع بشكل كبير حجم الطلب، مما دفعنا الى وقف تلك العملية خوفاً من استنزاف اموال مصرف لبنان المخصصة لدعم سوق الصيرفة».
واوضح، انّ استنزاف الاموال التي يضخّها البنك المركزي في السوق بهذه الطريقة، سيؤثر سلباً على المبالغ المخصّصة لمستوردي المواد الغذائية والمستلزمات الطبية، والتي سترتدّ بشكل ايجابي على اسعار الاستهلاك وتساعد المواطنين.
واعلن حلاوي انّ مصرف لبنان مستمرّ بالتدخّل في السوق عبر ضخ حوالى 4 ملايين دولار يومياً وبشكل متواصل، تستفيد منها بنسبة 80 في المئة الشركات المستوردة، وبنسبة 20 في المئة بغرض شراء تذاكر السفر او تسديد رواتب الخدم الاجنبي المنزلي او الاقساط الجامعية في الخارج. معتبراً انّ حجم السيولة التي يضخّها مصرف لبنان، يخفف الضغط في السوق بحوالى 60 في المئة.
واكّد انّ الصيارفة ملتزمون ببيع الدولار لكافة الخدمات الاخرى التي تمّ الاتفاق عليها في السابق، شرط تأمين المستندات المطلوبة والمذكورة في تعميم النقابة الصادر امس، على ان يتمّ تحويل تلك المستندات الى مصرف لبنان للحصول على موافقته، ومن ثم يتمّ تسديد المبالغ المطلوبة للتجار خلال يومين او ثلاثة.
ورداً على سؤال، اشار حلاوي الى انّه لا توجد منصّة الكترونية موحّدة بين الصيارفة للتصريح عن عمليات البيع التي يقوم بها الصيارفة للشركات او التجار، مما يعني ان لا مانع امام التاجر نفسه لشراء الدولارات من اكثر من صراف واحد، «لأننا بالأساس لا نؤمّن المبلغ الاجمالي الذي يطلبه التاجر. أي انّه في حال طلب شراء 200 الف دولار، فإنّ الصراف الواحد قد يبيعه 20 ألفاً فقط في الحدّ الاقصى».
اضاف: «بما انه لا يمكن تأمين كافة المبالغ المطلوبة من قبل التجار، يجب عليهم بالتالي، خفض حجم استيرادهم وحصره بالاساسيات وخفض حجم المخزون».
وبالنسبة لعدم التمكّن من لجم السوق السوداء، كما تسعى له خطة الحكومة بالتعاون مع الاجهزة الامنية، اكّد حلاوي انّ القوى الامنية تقوم بواجبها بطريقة فعّالة، إلّا انّ هذه العملية تتطلب وقتاً طويلا «لأنّ الصرافين غير الشرعيين «معشعشين» أينما كان».
فتح المطار
في سياق متصل، وبانتظار اعادة فتح المطار في الاول من الشهر المقبل، فأنّه من المتوقع ان يتراجع حجم التحويلات المالية عبر شركات تحويل الاموال بشكل لافت، مما سيؤدي الى تراجع حجم السيولة بالعملة الاجنبية التي يستخدمها مصرف لبنان حالياً لتمويل استيراد المواد الغذائية والاستهلاكية الاساسية، ولضخ العملة الصعبة في سوق الصيرفة.
وبالتالي، فإنّ حجم السيولة التي يضخها البنك المركزي في السوق حالياً، والتي هي بالاساس متواضعة مقارنة مع حجم الطلب، سيتراجع تدريجياً وقد ينعدم بالكامل، ليعاود الطلب على الدولار الارتفاع بنسب اكبر وغير مسبوقة، خصوصاً اذا ما اقرّت الحكومة بالتعاون مع مصرف لبنان، وقف دعم استيراد المحروقات والقمح وفقاً للسعر الرسمي للدولار عند 1507 ليرات، في اوائل آب المقبل كما تخطّط له وزارة الاقتصاد.
واكّد حلاوي في هذا الاطار، انّ اعادة فتح المطار ستؤثّر بشكل ايجابي على سوق الصيرفة، بسبب تدفق السيولة بالعملة الاجنبية، «إلّا انّها يجب ان تترافق مع اجراءات امنية متشدّدة لقمع السوق السوداء، ومنع توجّه تلك التدفقات المالية نحوها، وإلّا لن تستفيد منها سوق الصيرفة ولن تؤدّي الى زيادة حجم عرض الدولار».
اما بالنسبة الى تراجع السيولة بالعملة الاجنبية لدى مصرف لبنان نتيجة تراجع التحويلات عبر شركات تحويل الاموال، قال حلاوي، انّ البنك المركزي لم يستنزف بعد مخزونه من التحويلات الواردة سابقاً.