كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
يبدو أنّ هذا العهد هو عهد الأزمات السياسية والإجتماعية والإقتصادية بامتياز. أزمة تلو الأخرى ولا حلول في الأفق لأيٍّ منها. ومن المشاكل التي تستفحل في البلد أزمة المحروقات، التي تزداد فصولاً وتزداد معها مُعاناة المواطنين وأصحاب الشركات والمحطات أيضاً.
فالتقنين القاسي الذي تشهده مناطق عدة في لبنان، لا سيما طرابلس وعكار والمنية والضنّية وعموم الشمال، هو من تبعات أزمة المازوت، وأزمة أصحاب شركات التوزيع وعدم قدرتهم على الشراء والتسليم، وكذلك أصحاب المحطات الذين يتأثّرون بقوة من الأوضاع المستجدّة.
أزمة شركات التوزيع
يتحدّث صاحب شركة OJM لتوزيع المحروقات جمال عثمان لـ”نداء الوطن” عن عمق الأزمة الحالية في قطاع المحروقات وأسبابها وتبعاتها فيقول: “نحن كشركات توزيع، نعيش أزمة حقيقية منذ أكثر من 5 أشهر تفاقمت بسبب عدم ثقة الخارج باعتماد مصرف لبنان. أما الأوضاع حالياً فأصبحت أكثر تعقيداً، هناك إقفال للمصفاة في الشمال تبلّغنا عنه بسبب عدم القدرة على تأمين المازوت. نحن أصحاب شركات التوزيع نعيش الآن كلّ يوم بيومه فلا مخزون ولا خلافه، وصلنا إلى أصعب الأوقات”.
أضاف: “الشمال مثلاً يحتاج إلى 3 ملايين ليتر يومياً هذا في الأيام العادية. حالياً يتمّ تسليم 100 ألف ليتر فقط وهذا يوضح عمق الأزمة التي نحن بصددها. أوضاعنا تزداد تأزّماً. للأسف هناك استهتار حقيقي من المعنيين بالملفّ في الدولة وكأن الأمر لا يعنيهم وكأنهم يعيشون في أوضاع عادية جداً ولا يُدركون حجم الأزمة القادمة. تبلّغنا أن المازوت غير موجود والمشكلة أن الباخرة عندما تصل، تبقى في البحر لأكثر من أسبوع حتى يتم فتح اعتمادها فتكون السوق عطشى للمازوت ويُستهلك في وقت قصير. الأزمة راوح مكانك”.
وعن اجتماع أصحاب المحطاّت وتهديدهم بإقفال مصفاة البداوي قال عثمان: “للأسف أصحاب المحطّات أيضاً في وضع صعب والأزمة كلّها مترابطة ولكن حلّها ليس عندنا أصلاً. الوزارة ستقفل المصفاة من تلقاء نفسها. ليذهبوا إلى المكان الصحيح، أي إلى الوزارة، فهناك يكمُن الحل. نأسف أن نقول أن الآتي أعظم في هذا الملفّ. فعدم التسليم سيؤدي إلى إطفاء مولدات الإشتراك أيضاً وإغراق البلد بالعتمة، وهناك مستشفيات ومؤسسات أخرى كلها بحاجة إلى مادة المازوت”. وختم: “الأزمات ستتلاحق لأن الكمّيات القليلة التي نستلمها لمن سنسلّمها؟ هل سنعطيها للمستشفيات أم للمحطات أم لأصحاب المولّدات أم للأفران؟ الحلّ يجب أن يكون بفتح اعتماد وتأمين 4 إلى 5 بواخر مرة واحدة ليتمّ حل المشكلة جزئياً، ريثما يتمّ إيجاد آلية كاملة للحلّ النهائي وعودة الأمور إلى طبيعتها”.
أصحاب المحطات
وكان أصحاب المحطات في عكّار تداعوا إلى اجتماعٍ لبحث أزمتهم في موضوع فقدان المازوت وعدم التسليم، قُبيل اتّخاذهم قرار التصعيد في الأيام المقبلة.
وقال زاهر المصري، وهو صاحب محطة في عكّار، خلال الإجتماع: “نُعاني أزمة كبيرة وتتعاظم كل يوم ولا نرى أي اتّجاه للحلّ في المدى المنظور. إنَّ أرباح المحطات تراجعت بشكلٍ كبير ولم يعد لدينا القدرة على صرف أجور العمّال، بالمقابل فإنّ معاناتنا تتفاقم وتزداد. في هذا المجال، نؤكّد أن كارثة إنسانية حلّت وسكوت المعنيين عنها يزيد من تفاقمها، فمادّة المازوت مهمّة وتدخل في تشغيل معظم القطاعات، وتوقّفها يؤدي إلى توقّف الحركة بالكامل في البلد”.
واتّفق المجتمعون في نهاية اللقاء “على بيع الكمية المُتبقّية في مخزون محطّاتهم ومن ثم الإقفال التام، فالعتمة على الطريق والعزوف عن الحلّ سيؤدي بهم إلى إقفال المصفاة”.
أما معاناة أصحاب مولّدات الإشتراك فشرحها نور دلّال صاحب إشتراك “النور” في العبدة – عكّار فقال: “نُعاني الكثير في تأمين المازوت وهناك تفاوت غير منطقي في الأسعار. هناك حديث عن أنّ المادّة ستختفي من الأسواق بالكامل. وكأصحاب مولّدات الإشتراك، لن يكون بإمكاننا مع كل الأسف إلا إطفاء المولدات لأن الأمور خرجت من أيدينا”.
ووسط الحديث عن فقدان المازوت في اليومين المقبلين بالكامل، بدأ المواطنون شمالاً بشراء كميات من المازوت لتخزينها، حتى لو من مناطق أخرى من جبيل وبيروت وغيرها. إذاً، المؤسسات شمالاً إلى التعطيل القسري كما يبدو، بفعل غياب المازوت من السوق وعدم قُدرة شركات التوزيع على التسليم، وغياب المعنيين في وزارة الطاقة، المعنيّة بالملفّ، والوزير عن إيجاد الحلّ اللازم والمطلوب لإنهاء الملفّ، ووقف المعاناة وحلّ الأزمة.